للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه المادة المشتركة التي أثبتوها هي في الذهن، وليس بين الجسمين في الخارج شيء اشتركا فيه بعينه، فهؤلاء جعلوا الأجسام مشتركة في جوهر عقليّ، وأولئك جعلوها مشتركة في الجواهر الحسيّة. وهؤلاء قالوا: إذا خلق كلّ شيء من شيء، فإنّما أُحدِثت صورة، مع أنّ المادّة باقية بعينها، لكن أفسدت صورة، وكونت صورة. ولهذا يقولون عن ما تحت الفلك: عالم الكون والفساد١.

ولهذا قال ابن رشد٢: "إنّ الأجسام المركبة من المادة والصورة هي في عالم الكون والفساد، بخلاف الفَلَك؛ فإنه ليس مركباً من مادة وصورة عند الفلاسفة".

حيرة المتكلمين والفلاسفة في خلق الشيء من مادة

قال٣: وإنّما ذكر أنه مركّب من هذا، وهذا: ابن سينا٤.


١ انظر: الإرشاد للجويني ص ٢٥، وقد أشار إلى هذا القول للفلاسفة.
٢ هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد الأندلسي الفيلسوف. ولد سنة ٥٢٠?. من أهل قرطبة. وهو المعروف بابن رشد الحفيد تمييزاً له عن جدّه شيخ المالكية. عني بكلام أرسطو وترجمه إلى العربية، وزاد عليه زيادات. قرّبه المنصور أولاً، ثمّ اتهمه خصومه بالزندقة والإلحاد، فنفاه إلى مراكش وأحرق بعض كتبه، ثمّ رضي عنه، وأذن له بالعودة، فعاجلته الوفاة بمراكش سنة ٥٩٥?. من مصنفاته: تهافت التهافت، ومناهج الأدلة. انظر: شذرات الذهب ٤٣٢٠. والأعلام ٥٣١٨. وسير أعلام النبلاء ٢١٣٠٧.
٣ أي ابن رشد.
٤ تقدمت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>