في الكلام الفصيح ما يدل على جواز الفصل بالنداء، وذلك كقول علي كرم الله وجهه:"أعزز علي أبا اليقظان أن أراك صريعًا مجدلًا". قال في شرح التسهيل: وهذا مصحح للفصل بالنداء، وأجاز الجرمي الفصل بالمصدر، نحو:"ما أحسن إحسانًا زيدًا"، ومنعه الجمهور؛ لمنعهم أن يكون له مصدر، وأجاز ابن كيسان الفصل بـ"لولا" ومصحوبها، نحو:"ما أحسن لولا بخلُه زيدًا"، ولا حجة له على ذلك.
"زيادة "كان" بين "ما" وفعل التعجب":
الثاني: قد سبق في باب "كان" أنها تزاد كثيرًا بين "ما" وفعل التعجب، نحو:"ما كان أحسن زيدًا"، ومنه قوله "من الكامل":
٧٤٣-
ما كان أسعد من أجابك آخذًا ... بهداك مجتنبًا هوى عنادا
ونظيره في الكثرة وقوع "ما كان" بعد فعل التعجب، نحو:"ما أحسن ما كان زيد"،
٧٤٣- التخريج: البيت لعبد الله بن رواحة في المقاصد النحوية ٣/ ٦٦٣؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص٢١١، ٧٥٢. اللغة: أجابك: صدقك في دعواك، واتبع طريقك. الهدى: ضد الضلال. مجتنبًا: مبتعدًا. الهوى: ميل النفس. العناد: إنكار الحق قصدًا وتعمدًا. المعنى: يقول مخاطبًا الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الإنسان الذي يصدقك في دعواك، ويسير على هديك، مبتعدًا عن ميول النفس والعناد يكون في غاية السعادة. الإعراب: ما: نكرة تعجبية في محل رفع مبتدأ. كان: زائدة. أسعد: فعل ماض جامد للتعجب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا على خلاف الأصل تقديره: "هو". من: اسم موصول في محل نصب مفعول به. أجابك: فعل ماض، و"الكاف": ضمير متصل في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: "هو". آخذًا: حال منصوب. بهداك: جار ومجرور متعلقان بـ"آخذًا" وهو مضاف، و"الكاف": ضمير في محل جر بالإضافة. مجتنبًا: حال منصوب. هوى: مفعول به لـ"مجتنبًا" منصوب وعنادًا: "الواو": حرف عطف، و"عنادًا": معطوف على "هوى" منصوب. وجملة "ما كان أسعد": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أسعد": في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "أجابك": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. الشاهد فيه قوله: "ما كان أسعد" حيث وقعت "كان" زائدة بين شيئين متلازمين: "ما" التعجبية وفعل التعجب "أسعد" وهذا شائع في كلام العرب، وهذا ما اختصت به "كان" من بين سائر أخواتها