وعن مجاهد في قوله تعالى:{قَدَّمَتْ وَأَخَّرَت}[الانفطار: ٥] ، قال:"أخرت من سنة يعمل بها من بعده"١.
ومن ذلك الحديث:"من سن في الإسلام سنة حسنة ... ومن سن في الإسلام سنة سيئة" ٢.
قال ابن الأثير:"وقد تكرر في الحديث ذكر السنة، وما تصرف منها، والأصل فيه: الطريقة والسيرة"٣.
وهذا المعنى هو المراد هنا من معاني "السنة" اللغوية، وقد تطلق السنة ويراد بها:
- البيان:
كما قال تعالى:{سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}[الأحزاب: ٣٨، ٦٢] .
نصب "سنة" على إرادة الفعل، أي: سنن الله ذلك بمعنى بينه٤.
العادة الثابتة المستقرة:
كما في قوله تعالى:{سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا}[الإسراء: ٧٧] .
فالسنة هنا تعني: العادة الثابتة التي تحكم الله بها وقضاها٥.
وهذا المعنى قريب من سابقه، وكلاهما يتفق مع التفسير السابق للسنة بالسيرة والطريقة.
وقيل: هي الصقل والتزيين٦، وقيل: التقوية٧، والذي يعنينا هنا هو المعنى
١ التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة "٥٢٣". ٢ رواه مسلم "١٠١٧" من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه. ٣ النهاية في غريب الحديث لابن الأثير "٢/ ٤٠٩"، ولسان العرب لابن منظور "٦/ ٣٩٩". ٤ لسان العرب لابن منظور "٣/ ٣٩٩". ٥ تفسير ابن كثير "٣/ ٥٤". ٦ انظر: لسان العرب لابن منظور "٦/ ٤٠٠"، والمعجم الوسيط إصدار مجمع اللغة العربية "١/ ٤٧٣". ٧ لسان العرب لابن منظور "٣/ ٣٩٦".