للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستثن ناصبًا بليس وخلا ... وبعدا وبيكون بعد لا

ــ

الواحد فما فوقه نحو: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: ١١٣] ؛ لأنها في الأصل مصدر بمعنى الاستواء. ا. هـ. "واستثن ناصبًا" للمستثنى "بليس وخلا وبعدا وبيكون بعد لا" النافية نحو قاموا ليس زيدًا، وخلا عمرًا، وعدا بكرًا، ولا يكون خالدًا. أما ليس ولا يكون فالمستثنى بهما واجب النصب لأنه خبرهما، واسمهما ضمير مستتر وجوبًا يعود على البعض المدلول

ــ

الذي يقتضيه الاستواء. قوله: "سواء والعدم" بجر سواء صفة لرجل والمختار في العدم النصب على المعية لضعف العطف لفظا لعدم الفصل كذا قالوا ويشكل عليه عندي أن الاستواء يقتضي متعددا فيكون العطف واجبا كما في اشترك زيد وعمرو وأما قولهم استوى الماء والخشبة بالنصب فليس الاستواء فيه بمعنى التماثل بل بمعنى الارتفاع أو الاستقرار على ما يظهر فتأمل. قوله: "عن الواحد فما فوقه" أي ويعطف على ضميرها في الأول شيء يتحقق به التعدد إذ الاستواء لا يعقل إلا بين متعدد فاندفع ما اعترض به هنا. قوله: "مصدر" أي اسم مصدر.

فائدة: أجيز في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: ٦، يس: ١٠] ، كون سواء خبرا عما قبلها فما بعدها في تأويل المصدر فاعل لها لأن باب التسوية مما لا يحتاج إلى سابك أو خبرا عما بعدها فما بعدها في تأويل المصدر مبتدأ أو مبتدأ فما بعدها في تأويل المصدر خبر ولا يرد أن الاستفهام واجب التصدير فلا يكون فاعلا ولا مبتدأ مؤخرا ولا خبرا مؤخرا لأن هذه الهمزة سلخ عنها الاستفهام وجردت للتسوية. فإن قيل أم لأحد الأمرين وما يتعلق به سواء لا يكون إلا متعددا فالجواب أن أم هنا سلخ عنها الأحد وجردت للعطف والتشريك. فإن قيل يلزم على كون الهمزة للتسوية تكرارها مع سواء. فالجواب أن الاستواء المفهوم من الهمزة هو الاستواء الذي تضمنته حين كونها لحقيقة الاستفهام أي الاستواء في علم المستفهم والاستواء المستفاد من سواء هو الاستواء في الغرض المسوق له الكلام كأنه قيل المستويان في علمك مستويان في عدم النفع. وذهب الرضي إلى رأي آخر في المسألة وهو أن سواء خبر مبتدأ محذوف أي الأمران سواء وما بعد سواء بيان للأمرين والهمزة بمعنى إن الشرطية وأم بمعنى أو والجملة الاسمية دالة على الجزاء أي إن أنذرتهم أم لم تنذرهم. فالأمران سواء قال وإنما أفادت الهمزة فائدة إن لاستعمالها فيما لم يتيقن حصوله، وجعلت أم بمعنى أو لاستعمالهما في الأحد كذا في شرح الدماميني على المغني.

قوله: "بليس وخلا إلخ" والاستثناء بما ذكر لا يكون إلا مع التمام والاتصال وخلا في الأصل لازم وقد يضمن معنى جاوز فيتعدى بنفسه كما في خلا الاستثنائية والتزم ذلك فيها ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا ولذلك التزموا إضمار فاعله أما عدا فهو في الأصل يتعدى بنفسه وبعن ومعناه جاوز وترك كما في القاموس والأولى أن يكون بليس تنازعه استثن وناصبا نظير ما مر. قوله: "ولا يكون خالدا" أي لا تعدّ ولا تحسب فيهم خالدا فلا منافاة بين استقباله ومضى قاموا سم. قوله: "مستتر وجوبا" ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا كما مر

<<  <  ج: ص:  >  >>