المستثنى بغير قد يحذف إذا فهم المعنى نحو ليس غير بالضم وبالفتح وبالتنوين بخلاف سوى. ثانيهما أن سوى تقع صلة الموصول في فصيح الكلام كما سلف بخلاف غير. الرابع تأتي سوا بمعنى وسط وبمعنى تام فتمد فيهما مع الفتح نحو:{فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}[الصافات: ٥٥] ، وهذا درهم سواء. وتأتي بمعنى مستو فتقصر مع الكسر نحو:{مَكَانًا سُوًى}[طه: ٥٨] ، وتمد مع الفتح نحو مررت برجل سواء والعدم، ويخبر بها حينئذ عن
ــ
إليه ابن الحاجب لكن ليس في كلامه أن إلا محذوفة فإنه قال الوجه الاستثناء مفرغ على أن الأعم المحذوف حال أو مصدر إلى أن قال وحذفت الباء من أن يشاء الله والتقدير إلا بأن يشاء الله أي إلا بذكر المشيئة وقد علم أن ذكر المشيئة في الإخبار عن فعل مستقبل هو ذكرها مع حرف الشرط وما في معناه نحو إن شاء الله إلا أن يشاء الله بمشيئة الله. ا. هـ. وهذا أولى وأسهل.
قوله:"بالضم" قال المبرد والمتأخرون هو ضم بناء لشبهها بالغايات كقبل وبعد فعلى هذا يحتمل أن تكون اسم ليس وأن تكون خبرها وقال الأخفش ضم إعراب لأنه ليس اسم زمان ولا اسم مكان بل هو ككل وبعض لكن حذف المضاف إليه ونوى لفظه قاله الدماميني. قوله:"وبالفتح" ظاهره أنه فتح بناء. ووجهه أن الأسماء المتوغلة في الإبهام كمثل وغير يجوز بناؤها على الفتح إذا إضيفت لمبني كالضمير، فعلى هذا تحتمل الاسمية والخبرية، ويصح جعله فتح اعراب لنية لفظ المضاف إليه المحذوف فعلى هذا تتعين للخبرية. قوله:"وبالتنوين" أي في شبهي الحالتين المذكورتين وشبهاهما الرفع والنصب والحركة عند التنوين اعرابية. قوله:"تقع صلة الموصول" أي في ظاهر اللفظ وإلا فهي في الحقيقة جزء صلة إن قدر قبلها مبتدأ ومعمول الصلة إن قدر قبلها ثبت كذا قال الدماميني. قوله:"كما سلف" فيه أنه لم يقيد فيما سلف بفصيح الكلام. قوله:"بخلاف غير" فيه نظر إذ الظاهر أن غيرا كسوى في الوقوع صلة على تقدير مبتدإ حذف لطول الصلة بالإضافة كذا قال بعضم. وقال الدماميني بعد أن ذكر أن سواك في جاء الذي سواك جزء الصلة إن قدر مبتدأ قبله ومعمول الصلة إن قدر ثبت قبله ما نصه: وعلى التقدير الأول أعني تقدير المبتدأ فلا اختصاص لسوى بذلك بل يجوز في غير مع أي بلا شرط نحو جاء أيهم غير جاهل ومع غير أي بشرط طول الصلة نحو جاء الذي غير ضارب أبوه عمرا ومع عدم الطول شاذا عند البصريين وقياسا عند الكوفيين. ا. هـ. وهو صريح في عدم الاكتفاء في طول الصلة بإضافتها ولكن أن تقول إن كان الفرق مبنيا على ظرفية سوى فظاهر وإلا فلا. قوله:"بمعنى وسط" اعترض بأنه ينافي ما قدمه عن أهل اللغة من أنه لا أحد منهم يقول إن سوى عبارة عن مكان أو زمان لأنها إذا كانت بمعنى وسط كانت عبارة عن مكان. وأجيب بأن محل ما قدمه عنهم إذا وقعت في تراكيب الاستثناء وما نحن فيه ليس كذلك وقد أسلفنا في باب الظرف الكلام على لفظ وسط.
قوله:"فتقصر مع الكسر" أي أو الضم وبهما قرىء قوله تعالى: {لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى}[طه: ٥٨] ، أي مستويا طريقنا إليه وطريقك إليه كما قاله المفسرون فتحقق التعدد