ونَفْيُ العلم عن أكثرهم: إمَّا لأن بعضهم يعلمون الحكمة في عدم تحقيق ما يقترحون، ولكنهم يشاركونهم فيما طلبوا عنادا، وإِما لأن الأكثر، مرادٌ منه: الجميع.
ووصف الطائر بأَنه يطير بجناحيه مع أَن هذا شأنه، لتصوير حالة طيرانه العجيبة الدالة على كمال قدرة الله وإِحكام تدبيره. حتى يتجه النظر والفكر إِليها. فيمجد الله الذي أَبدعها.
والمقصود من قوله: ﴿إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾: بيان أَن حيوانات الأرض والبحر، وطيور الجو، إِنما هي جماعات وطوائف، لها مثل مالنا من الخصائص في الجملة.
فالنمل - مثلًا - أمَّة أَرضية: لها تدبيرها في السعى على رزقها، وجمعه من أجحارها، استعدادًا لفصل الشتاءِ، لتقتات به وهي مختبئة فيها طول الفصل. كما أن لها أَميرةً منها، تُوَجِّهُها وتنظم مصالحها. ولها لغة تتفاهم بها. كما يدل على ذلك قوله تعالى في سورة النمل: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ (٢). وقد فهم سليمان ﵇ لغتها: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا … ﴾ (٣) الآية.
(١) العموم مستفاد من كلمة (دابة) وتأكيد العموم مستفاد من زيادة (من)، ومن كلمة (في الأرض). (٢) النمل، الآية: ١٨ (٣) النمل، من الآية: ١٩