الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ. . . وَإِنْ دَخَلَتْهُ النِّيَابَةُ قَامَ الْقَاضِي مَقَامَهُ، كَمَا فِي عَضْل الْوَلِيِّ الْمُجْبَرِ فِي النِّكَاحِ، عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ (١) .
وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُجْمَعِ عَلَيْهِ. أَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ تَارِكُهُ مُعْتَقِدًا جَوَازَ ذَلِكَ فَلاَ شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ فَهُوَ آثِمٌ (٢) .
وَكَذَلِكَ يَأْثَمُ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ بِتَرْكِ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ الَّتِي تُعْتَبَرُ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كَالْجَمَاعَةِ وَالأَْذَانِ وَصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ إِذْ فِي تَرْكِهَا تَهَاوُنٌ بِالشَّرْعِ، وَلِذَلِكَ لَوْ اتَّفَقَ أَهْل بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهَا وَجَبَ قِتَالُهُمْ، بِخِلاَفِ سَائِرِ الْمَنْدُوبَاتِ؛ لأَِنَّهَا تُفْعَل فُرَادَى.
هَذَا وَيُبَاحُ تَرْكُ الْوَاجِبِ لِلضَّرُورَةِ؛ إِذِ الْمَعْهُودُ فِي الشَّرِيعَةِ دَفْعُ الضَّرَرِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ (٣) . وَمِنْ ثَمَّ كَانَتِ الْمُسَامَحَةُ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْسَعَ مِنَ الْمُسَامَحَةِ فِي فِعْل الْمُحَرَّمِ، وَاعْتِنَاءُ الشَّرْعِ بِالْمَنْهِيَّاتِ فَوْقَ اعْتِنَائِهِ بِالْمَأْمُورَاتِ، وَلِهَذَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا
(١) المنثور في القواعد ٣ / ١١٠، ٣٢٣.(٢) المغني ٢ / ٤٤٧، وجواهر الإكليل ١ / ٣٥، والمنثور ٢ / ١٤٠.(٣) الفروق للقرافي ٣ / ١٢٢، ١٢٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute