فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (١) وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا أَيَّةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَمِنْ كُل سُورَةٍ. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمَا قَال بِهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ هُوَ: إِنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ كُل سُورَةٍ، وَإِنَّهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ، أُنْزِلَتْ لِلْفَصْل بَيْنَ السُّوَرِ، وَذُكِرَتْ فِي أَوَّل الْفَاتِحَةِ.
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَال الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَل (٢) فَالْبَدَاءَةُ بِقَوْلِهِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ آيَةً مِنْ أَوَّل الْفَاتِحَةِ. إِذْ لَوْ كَانَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ لَبَدَأَ بِهَا، وَأَيْضًا: لَوْ كَانَتِ الْبَسْمَلَةُ آيَةً مِنْهَا لَمْ تَتَحَقَّقِ الْمُنَاصَفَةُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي النِّصْفِ الأَْوَّل أَرْبَعُ آيَاتٍ إِلاَّ نِصْفًا،
(١) سورة النمل / ٣٠.(٢) حديث: يقول الله تعالى: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي. . . " أخرجه مسلم (١ / ٢٩٦ ط عيسى البابي الحلبي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute