التَّهَادِي وَالْهَدِيَّةُ هِبَةٌ، وَرُوِيَ عَنِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال لِسَيِّدَتِنَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " إِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكَ كَذَا وَكَذَا "، وَعَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: " مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فِيهَا، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِنْ لَمْ يَرْضَ عَنْهَا "، وَنَحْوِهِ مِنَ الدَّلاَئِل الْمُقْتَضِيَةِ لِشَرْعِيَّةِ الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مَا قُرِنَ بِهَا شَرْطٌ فَاسِدٌ أَوْ لَمْ يُقْرَنْ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ مَا إِذَا وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا، أَوْ وَهَبَ حَيَوَانًا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهِ أَنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ فِي الأُْمِّ وَالْوَلَدِ جَمِيعًا، وَالاِسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، وَالْكُل لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (١) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ إِلَى أَنَّهُ يَبْطُل الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ (٢) وَلِلْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ هِبَةً عَلَى أَنْ لاَ يَبِيعَ وَلاَ يَهَبَ، فَقَدْ نَقَل الْحَطَّابُ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ قَوْلَهُ: حَصَّل ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى خَمْسَةَ أَقْوَالٍ:
(١) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ١١٧.(٢) مَوَاهِب الْجَلِيل ٦ / ٥٠، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج ٢ / ٣٩٨، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٥ / ١ ٣٧ - ٣٧٢، وَالْمُغْنِي مَعَ الشَّرْحِ ٦ / ٢٥٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute