كَانَ لاَ يَحِل التَّنَاوُل لَمَا قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا ذَلِكَ.
وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (١) وَالْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَقِيرٌ (٢) هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَيَرَى أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ أَنَّ الزَّكَاةَ لاَ تَحِل لِغَنِيٍّ وَلاَ لِقَوِيٍّ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ (٣) .
قَال النَّوَوِيُّ: وَاتَّفَقُوا عَلَى النَّهْيِ عَنِ السُّؤَال بِلاَ ضَرُورَةٍ، وَفِي الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ حَرَامٌ، وَالثَّانِي يَحِل بِشَرْطِ أَنْ لاَ يُذِل نَفْسَهُ، وَلاَ يُلِحَّ فِي السُّؤَال، وَلاَ يُؤْذِيَ الْمَسْئُول، وَإِلاَّ حَرُمَ اتِّفَاقًا (٤) .
وَإِذَا كَانَ الْمُحْتَاجُ عَاجِزًا عَنِ الْكَسْبِ، وَلَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ فَيَطُوفَ عَلَى الأَْبْوَابِ وَيَسْأَل، فَإِنَّهُ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ حَتَّى هَلَكَ كَانَ آثِمًا عِنْدَ أَهْل الْفِقْهِ؛ لأَِنَّهُ أَلْقَى بِنَفْسِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَإِنَّ السُّؤَال يُوصِلُهُ إِلَى مَا يُقَوِّمُ بِهِ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْكَسْبِ، وَلاَ ذُل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصَاحِبِهِ أَنَّهُمَا {أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} .
وَقَال بَعْضُ الْمُتَقَشِّفَةِ: السُّؤَال مُبَاحٌ لَهُ
(١) سورة التوبة / ٦٠.(٢) الكسب ص ٩٠ - ٩١.(٣) بريقة محمودية ٣ / ٢٦٦.(٤) المرجع نفسه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute