الْمُحْتَالِينَ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ النُّطْقَ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الظِّهَارِ، ثُمَّ يَدَّعُونَ أَنَّهُ كَانَ سَبْقَ لِسَانٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ (١) .
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ - كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي الطَّلاَقِ - إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَقْصِدِ النُّطْقَ بِصِيغَةِ الظِّهَارِ، بَل قَصَدَ التَّكَلُّمَ بِشَيْءٍ آخَرَ، فَزَل لِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الظِّهَارِ لاَ يَكُونُ ظِهَارًا فِي الْقَضَاءِ، كَمَا لاَ يَكُونُ ظِهَارًا فِي الدِّيَانَةِ وَالْفَتْوَى (٢) .
وَيَتَّضِحُ مِمَّا تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الإِْكْرَاهِ وَالْهَزْل وَالْخَطَأِ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الإِْكْرَاهِ تَكُونُ الْعِبَارَةُ صَادِرَةً عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ، وَلَكِنَّهُ اخْتِيَارٌ غَيْرُ سَلِيمٍ لِوُجُودِ الإِْكْرَاهِ، وَهُوَ يُؤَثِّرُ فِي الإِْرَادَةِ وَيَجْعَلُهَا لاَ تَخْتَارُ مَا تَرْغَبُ فِيهِ وَتَرْتَاحُ إِلَيْهِ، بَل تَخْتَارُ مَا يَدْفَعُ الأَْذَى وَالضَّرَرَ.
وَفِي الْهَزْل تَكُونُ الْعِبَارَةُ مَقْصُودَةً، لأَِنَّهَا تَصْدُرُ بِرِضَا الزَّوْجِ وَاخْتِيَارِهِ، وَلَكِنَّ حُكْمَهَا لاَ يَكُونُ مَقْصُودًا؛ لأَِنَّ الزَّوْجَ لاَ يُرِيدُ هَذَا الْحُكْمَ، بَل يُرِيدُ شَيْئًا آخَرَ هُوَ اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ.
وَفِي الْخَطَأِ لاَ تَكُونُ الْعِبَارَةُ الَّتِي نَطَقَ بِهَا
(١) الفتاوى الهندية ١ / ٣٣٠، / ٤٥٧، والدر وحاشية ابن عابدين ٢ / ٦٥٦ - ٦٥٧.(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٢ / ٣٦٦، وشرح الخرشي ٣ / ١٧٢، ١٧٣، ومغني المحتاج ٣ / ٢٨٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute