وَصَوَّبَهُ ابْنُ هَارُونَ فِي الْحَاصِرِ مِنَ الْحَجِّ، وَحَكَى الْحَطَّابُ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَ قِتَال أَهْل مَكَّةَ إِذَا بَغَوْا عَلَى أَهْل الْعَدْل، قَال: وَهُوَ قَوْل عِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ.
وَهَذَا قَوْلٌ لِلْحَنَابِلَةِ أَيْضًا، فَقَدْ جَاءَ فِي تُحْفَةِ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ: فَإِِنْ بَغَوْا عَلَى أَهْل الْعَدْل قَاتَلَهُمْ عَلَى بَغْيِهِمْ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُمْ عَنِ الْبَغْيِ إِلاَّ بِالْقِتَال.
وَاسْتَدَل مَنْ أَجَازَ الْقِتَال فِي الْحَرَمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِِذَا انْسَلَخَ الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (١) } وَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الآْيَةَ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (٢) } . وَقَالُوا أَيْضًا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَل مَكَّةَ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَقِيل: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَال: اقْتُلُوهُ (٣) .
وَأَجَابُوا عَنِ الأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي تَحْرِيمِ الْقِتَال بِمَكَّةَ أَنَّ مَعْنَاهَا تَحْرِيمُ نَصْبِ الْقِتَال عَلَيْهِمْ بِمَا يَعُمُّ كَالْمَنْجَنِيقِ وَغَيْرِهِ إِذَا أَمْكَنَ إِصْلاَحُ الْحَال بِدُونِ ذَلِكَ.
وَلأَِنَّ قِتَال أَهْل الْبَغْيِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لاَ يَجُوزُ أَنْ تُضَاعَ، وَلأََنْ تَكُونَ مَحْفُوظَةً فِي حَرَمِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مُضَاعَةً فِيهِ (٤) .
(١) سورة التوبة / ٥.(٢) سورة البقرة / ١٩١.(٣) حديث: " دخل مكة وعليه المغفر " سبق تخريجه ف / ٦.(٤) ابن عابدين ٢ / ٢٥٦، والبدائع ٧ / ١١٤، وجواهر الإكليل ١ / ٢٠٧، والحطاب ٣ / ٢٠٣، ٢٠٤، والقرطبي ٢ / ٣٥١، و ٣٥٣، وشفاء الغرام ١ / ٧٠، والمجموع ٧ / ٢١٥، وإعلام الساجد ص ١٠٧، والأحكام السلطانية للماوردي ص ١٦٦، وتحفة الراكع والساجد ص ١١٢، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٩٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute