رسول الله ﷺ، ثمّ أتاه من خلفه، فأخذها رسول الله ﷺ فحذفه بها، فلو أصابته لأقصعته، أو لعقرته، فقال رسول الله ﷺ:«يأتي أحدكم بما يملك، فيقول: هذه صدقة، ثمّ يقعد يتكفّف النّاس، خير الصّدقة ما كان عن ظهر غنى». وفي رواية أخرى:«خذ عنّا مالك، لا حاجة لنا به»(١).
وروى أبو داود من حديث أبي سعيد الخدريّ ﵁، قال: دخل رجل المسجد، فأمر رسول الله ﷺ أن يطرحوا ثيابا، فطرحوا، فأمر له منها بثوبين، ثمّ حثّ على الصّدقة، فجاء فطرح أحد الثّوبين، فصاح به:«خذ ثوبك»(٢).
قال المصنف: ونقلت من خطّ أبي الوفاء بن عقيل: قال: قال ابن شاذان: دخل جماعة من الصّوفيّة على الشّبلي، فأنفذ إلى بعض المياسير يسأله مالا ينفقه عليهم، فردّ الرّسول وقال: يا أبا بكر، أنت تعرف الحقّ، فهلّا طلبت منه، فقال للرّسول: ارجع إليه، وقل له:
الدّنيا سفلة، اطلبها من سفلة مثلك، واطلب الحقّ من الحقّ، فبعث إليه بمئة دينار.
قال ابن عقيل: إن كان أنفذ إليه المئة دينار للافتداء من هذا الكلام القبيح وأمثاله، فقد أكل الشبليّ الخبيث من الرّزق، وأطعم أضيافه منه.
وقد كان لبعضهم بضاعة فأنفقها، وقال: ما أريد أن تكون ثقتي إلّا بالله، وهذا قلّة فهم؛ لأنّهم يظنّون أنّ التّوكّل قطع الأسباب، وإخراج الأموال.
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا الخطيب، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أنبأنا جعفر الخلديّ في كتابه قال: سمعت الجنيد يقول: دققت على أبي يعقوب الزيّات بابه في جماعة
(١) أخرجه الدارمي في «سننه» (١٦٥٨)، وابن حبان في «صحيحه» (٣٣٧٢) من حديث جابر بن عبد الله ﵄، وضعّفه الألبانيّ في «ضعيف الجامع» (٦٤٠٨). (٢) أخرجه أبو داود (١٦٧٥)، والنسائي (١٤٠٨) وحسّنه الألبانيّ في «صحيح أبي داود» (١٤٦٩).