وربما عاد الضمير على المعنى فقط كقوله:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} ١, فالضمير في "كانتا" لم يتقدم لفظ تثنية يعود عليه، لأن الكلالة تقع على الواحد والاثنين والجمع، فثنى الضمير الراجع إليها حملًا على المعنى، وقوله {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} ٢, فالضمير في "منه" يعود على معنى الصدقات، لأنه في معنى الصداق، أو ما أصدق كأنه قيل: وآتوا النساء، صداقهن، وما أصدقتموهن.
وقد يؤتى بالضمير أولًا ثم يخبر عنه بما يفسره، كقوله:{إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} ٣.
وقد يثنى الضمير ويعود على أحد المذكورين كقوله:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ٤, وإنما يخرج من أحدهما. وهو الملح دون العذب، لأنه إذا خرج من أحدهما فقد خرج منهما. وبهذا قال الزجاج وغيره.
وقد يعود على ملابس ما هو له كقوله:{لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} ٥, أي ضحى يومها لا ضحى العشية، لأن العشية لا ضحى لها.
وقد يراعى في الضمير اللفظ أولًا، ثم يراعى المعنى ثانيًا، كقوله:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} ٦, أفرد الضمير في "يقول" باعتبار لفظ "من" ثم جمع في "وما هم" باعتبار معناه.