ذلك مكرا، قال الحسن: من وسع عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له. وقال قتادة: بغت القوم أمر الله وما أخذ قوم قط إلا عند سلوتهم وغرتهم فلا تغتروا بالله. وقال إسماعيل بن رافع: من الأمن من مكر الله إقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة. رواه ابن أبي حاتم. قوله:{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ} ٤ القنوط استبعاد الفرج واليأس منه، وهو يقابل الأمن من مكر الله، وكلا الأمرين ذنب عظيم، لما في القنوط من سوء الظن بالله. قوله:{إِلاَّ الضَّالُّونَ} أي عن الهدى.
قوله: وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلي الله عليه وسلم " سئل عن الكبائر فقال: الشرك بالله واليأس من روح الله والأمن من مكر الله "هذا الحديث رواه البزار وابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر. قال ابن معين: ثقة، ولينه ابن أبي حاتم. وقال ابن كثير: في إسناده نظر والأشبه أن يكون موقوفا.
قوله:"الشرك بالله " وهو أكبر الكبائر. ولهذا بدأ به. قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "الشرك هضم للربوبية وتنقص للإلهية، وسوء ظن برب العالمين". انتهى. قوله:"واليأس من روح الله " أي قطع الرجاء والأمل من الله تعالى فيما يخافه ويرجوه، وذلك إساءة طن بالله وجهل به وسعة رحمته وجوده ومغفرته.
قوله:"والأمن من مكر الله " أي من استدراجه للعبد وسلبه ما أعطاه من الإيمان، نعوذ بالله من ذلك. وذلك جهل بالله وبقدرته وثقة بالنفس وعجب بها. وهذه الثلاث من
١ سورة الحجر آية: ٥٦. ٢ البخاري: الشهادات (٢٦٥٣) , ومسلم: الإيمان (٨٨) , والترمذي: البيوع (١٢٠٧) ، وتفسير القرآن (٣٠١٨) , والنسائي: تحريم الدم (٤٠١٠) والقسامة (٤٨٦٧) , وأحمد (٣/١٣١ ,٣/١٣٤) . ٣ ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١/١٠٤ من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وقال في آخره: رواه البزار والطبراني ورجاله موثقون. أقول: ويشهد له حديث عبد الله بن مسعود الذي سيأتي بعد قليل , ذكره الشارح من رواية عبد الرزاق، وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد من رواية الطبراني في "الكبير" ١/ ١٠٤ , وقال: إسناده صحيح. ٤ سورة الحجر آية: ٥٦.