قوله:"سليني من مالي ما شئت " لأن هذا هو الذي يقدر عليه صلي الله عليه وسلم وما كان أمره إلى الله سبحانه فلا قدرة لأحد عليه كما في هذا الحديث. ولما مات أبو طالب وكان يحوط رسول الله صلي الله عليه وسلم ويحميه ولم ينكر ملة عبد المطلب من الشرك بالله. وقال صلي الله عليه وسلم:" لأستغفرن لك ما لم أنه عنك "٣، فأنزل الله تعالى:{ما كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} ٤، فأخبر أن أبا طالب من أصحاب النار لما مات على غير شهادة أن لا إله إلا الله فلم ينفعه حمايته النبي صلي الله عليه وسلم من أن يكون من المشركين ولا الاعتراف بأن النبي صلي الله عليه وسلم على الحق بدون البراءة من الشرك؛ لأنه لم يبرأ من ملة أبيه، فكل تعلق على غير الله من طلب لشفاعة أو غيرها شرك بالله يكون عليه وبالا في الدنيا والآخرة، والشفاعة لا تكون إلا لأهل الإخلاص خاصة كما قال تعالى:{وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} ٥ والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكذلك الأحاديث.، والله أعلم، وسيأتي في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى.
١ سورة آل عمران آية: ١٢٨. ٢ سورة آل عمران آية: ١٢٨. ٣ البخاري: الجنائز (١٣٦٠) , ومسلم: الإيمان (٢٤) , والنسائي: الجنائز (٢٠٣٥) , وأحمد (٥/٤٣٣) . ٤ سورة التوبة آية: ١١٣. ٥ سورة الأنعام آية: ٥١.