ولذلك نجد الذين استخرجوا على الصحيحين أتوا بطرق كثيرة زيادة على ما عندهم، وعلى سبيل المثال نذكر ما ذكره ابن حجر وتبعه تلميذه السخاوي عن الجوزقاني:((أنه استخرج على أحاديث الصحيحين حديثاً حديثاً، فكانت عدته خمسة وعشرين ألف طريق وأربعمائة وثمانين طريقاً)) (١) .
وهكذا صرّح مسلم - رحمه الله -: أن الأحاديث التي لم يخرجها لم يقل عنها إنها ضعيفة، حيث قال:((إنما أخرجت هذا الكتاب وقلت: هو صحاح، ولم أقل إن ما لم أخرجه من الحديث فيه ضعف)) (٢) ، وورد عنه قوله:((صنفت هذا الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث)) (٣) .
وهكذا صرّح الإمام أبو داود السجستاني كما نقل عنه تلميذه أبو بكر ابن داسة راوي سننه حيث قال:((سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب، جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يُشْبِهُه ويُقَاربُه ...)) (٤) .
وهكذا الإمام النسائي أبو عبد الرحمن – رحمه الله – ألَّف كتابه «السنن الكبرى» فذكر محمد بن معاوية الأحمر راوي الكتاب عن النسائي قوله: ((كتاب السنن كلّه صحيح وبعضه معلول)) إلاّ أنّه لم يبين علته، والمنتخب
(١) النكت للحافظ ابن حجر (١/٢٩٧) والمصدر السابق (١/٤٧) . (٢) فتح المغيث (١/٤٦) . (٣) تاريخ بغداد (١٣/١٠١) ، وتذكرة الحفاظ للذهبي (٢/٥٨٩) ، ومقدمة البدر المنير لابن الملقن (١/٢٢٨) . (٤) رواه الخطيب بسنده في تاريخ بغداد (٩/٥٧) في ترجمة أبي داود وكذا ذكره الحازمي في شروط الأئمة الخمسة/ ٧٢ والذهبي في السير (١٣/٢٠٩-٢١٠) في ترجمة أبي داود، وكذا السيوطي في البحر الذي زخر شرح ألفية الأثر (٣/١١٢٩) .