بل المحدِّث عندهم لا يصبح محدِّثًا وعالماً بالحديث وماهراً فيه بصحيحه من سقيمه، وعارفاً بعلله وغير ذلك إلا بعد أن يروي الحديث بوجوه مختلفة وأسانيد متعددة، ومن هنا نرى الإمام البخاري -كما ذكر ابن عدي والخطيب والحازمي والذهبي (١) عنه- يقول:((أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح)) .
وقال أيضاً:((ما أدخلت في كتابي «الجامع» إلا ما صَحَّ، وتركت من الصحيح خشية أن يطول)) (٢) .
وقال أيضاً:((أحفظ منه – أي من الصحيح – عشر ألف ألف حديث – أي مائة ألف حديث – ومائة ألف حديث غير صحيح)) وذكر السخاوي أنه أراد بلوغ العدد المذكور بالتكرار لها.. فربّ حديث له مائة طريق فأكثر)) (٣) .
وذكر الخطيب البغدادي قول البخاري:((صنفت كتابي الصحاح لست عشرة سنة خرّجته من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله)) (٤) .
وقال أبو محمد السرخسي راوي الصحيح ومن تبعه:((إن الذي لم يخرجه البخاري من الصحيح أكثر ممّا خرجه)) (٥) .
(١) انظر: مقدمة الكامل لابن عديّ (١/١٤٠) ، وتاريخ بغداد (٢/٢٥) ، وشروط الأئمة الخمسة للحازمي/٦٤ وسير أعلام النبلاء (١٢/٤١٥) . (٢) المصدر السابق نفسه للذهبي وفتح المغيث للسخاوي (١/٤٥) (٣) المصدر السابق (١/٤٦) . (٤) تاريخ بغداد (٢/١٤) . (٥) فتح المغيث (١/٤٧- ٤٨) .