ومما ورد في السنة أيضا: ما رواه أحمد بإسناده عن عبد الرحمن بن شبل قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه , ولا تجفوا عنه , ولا تأكلوا به. . . .»(١) .
وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة وهو على ناقته:«القط لي حصى» , فلقطت له سبع حصيات هن حصى القذف ,فجعل ينفضهن في كفه ويقول:«أمثال هؤلاء فارموا , ثم قال: يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين؛ فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» . رواه أحمد وابن ماجه والحاكم وغيرهم (٢) .
فمما سبق يتبين أن الكتاب والسنة يخصصان عموم اللغة , وأن الغلو هو:((الإفراط في مجاوزة المقدار المُعتبر شرعا في أمرٍ من أمور الدين)) .
(١) «الفتح الرباني» ١٨ / ٢٨. (٢) رواه أحمد في المسند كما في «الفتح الرباني» ١٢ / ١٦٩ , كتاب الحج والعمرة باب سبب مشروعية رمي الجمار وحكمها , ورواه النسائي كتاب المناسك باب قدر حصى القذف , وكذا ابن ماجة في باب التقاط الحصى. ورواه الحاكم في «مستدركه» ١ / ٤٦٦ وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخصيه عليه. وقال النووي في «المجموع» ٨ / ١٢٧: صحيح رواه البيهقي بإسناد حسن صحيح وهو على شرط مسلم رواية عبد الله بن عباس عن أخيه الفضل. ورواه النسائي وابن ماجة بإسنادين صحيحين , إسناد النسائي على شرط مسلم. . . . اهـ. وقال شيخ الإسلام في «الوصية الكبرى» : هو حديث صحيح. ونقل عنه الشيخ صالح البليهي رحمه الله في ((السلسبيل في معرفة الدليل ١ / ٣٦٧)) أنه قال: على شرط مسلم , ولم أقف عليه! . وذكره ابن حجر في «التلخيص الحبير» ٧ / ٣٨٧حيث حقق من كان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - والتقط له الحصى: عبد الله أم الفضل , وصوّب أنه الفضل وهو تحقيق نفيس , وكذا كلام النووي السابق , وفي فتح الباري ١٣ / ٢٩١:. . . . . وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق أبي العالية عن ابن عباس.