ولقد فضَّل الناس الثلاثي على الرباعي وقالوا «هام»(١) بمعنى «مهم» فما للدكتور جواد ينفس على المحدثين أن يكون لهم ذوق كما كان للأسلاف ذوق! وما لنا نضيع جوهر «الظاهرة اللغوية»(العرف/ الشيوع) في رهج الشجار وفي غيابة الجدل؟ يقول الأستاذ محمد العدناني: «ويخطِّئون من يقول: أمرٌ هامٌّ، ولا خطأ في ذلك؛ لأن هناك فعلين: هَمَّه الأمر يَهُمُّه همًّا ومَهَمَّةً: أقلقه وحَزَنه، فهو هامٌّ، وهنالك أيضًا: أهَمَّ الأمرُ فلانًا: أقلقه وحزنه، فهو مهمٌّ، وكلتا الكلمتين صحيحة، جاء في المصباح: أهمني الأمر: أقلقني، وهمَّني هَمًّا (من باب قتل) مثله.» (٢)
وفي «معجم الصواب اللغوي»: «أمرٌ هامٌّ: مرفوضة عند بعضهم لأن «الهام» مذكر الهامة بمعنى الدابة وكل ذي سم قاتل. المعنى: يسترعي الاهتمام ويدعو إلى اليقظة والتدبر، الرأي والرتبة:(١) أمر مهم (فصيحة). (٢) أمر هامٌّ (فصيحة)، يرد في المعاجم استعمال «همَّ» بمعنى «أَهَمَّ»، ففي المصباح:«وأهمني الأمر، بالألف، أقلقني، وهَمَّني مثله»، كما نقل اللسان عن أبي عبيد في باب قلة اهتمام الرجل بشأن صاحبه:«هَمُّكَ ما هَمَّكَ، ويقال: همُّكَ ما أهَمَّكَ»، فالتبادل بين الصيغتين وارد، ومن ثم يجوز استخدام اسم الفاعل من أيهما»، (٣) وفي القاموس والتاج «هَمَمَ» وهمَّه الأمر هَمًّا ومَهَمَّة: حَزَنَه وأقلقه، كأهمَّه. (٤)
[تخرج من المعهد]
يقولون: لا تقل «تَخَرَّجَ من كلية كذا» بل تخرج «فيها»، أي تعلم وتدرب، يقول د. جواد:«وذلك لأن تخرج في هذه الجملة وأمثالها بمعنى «تأدَّب» و «تعلَّم» و «تدرَّب»، فيقال: تعلم فلان في الكلية، وتأدب في الكلية وتدرب، ولا محل لحرف الجر «من» فليس المقصود
(١) د. عبد الفتاح سليم: موسوعة اللحن في اللغة - مظاهره ومقاييسه، مكتبة الآداب، القاهرة، ط ٢، ٢٠٠٦، ص ٥٦٩. (٢) د. مصطفى جواد: قل ولا تقل، الدار العربية للموسوعات، بيروت، ٢٠١٠، ص ١٦٦ - ١٦٧. (٣) يقول الأستاذ أمين الخولي في بحثه لمؤتمر المجمع، الدورة ٢٨/ ١٩٦٢: «وليس من الهام هنا كذلك الوقوف عند إعراب لفظ عدد في الآية». (أمين الخولي: دراسات لغوية، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، ١٩٩٦، ص ٣٥) (٤) محمد العدناني: معجم الأخطاء الشائعة، مكتبة لبنان ناشرون، ط ٢، ١٩٨٠، ص ٢٥٩.