لقد خص الله رسله جميعاً بظاهرة الوحي؛ إذ بواسطته يتلقوْن عن ربهم كل ما يأمرهم بتبليغه للناس، وللوحي مقامات وصور تضمنتها الآية الكريمة في قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}[الشورى:٥١]
فيُلقى الوحيُ في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ما يُؤْمر بتبليغه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنّ روح القدس نفث في روعي أنّ نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب"(١) .
ويكون الوحي للرسول بالمنام كما وقع لإبراهيم حين رأى في المنام أنّه يذبح ولده إسماعيل، فبادر إلى تنفيذ الأمر بعد أن عدّ الرؤيا أمراً إلهياً (٢) .
وفيما أخرجه البخاري من حديث عائشة قالت:"أول ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، وكان لا يرَى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح"(٣) .
ويكون الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك كما كان ذلك في مجيئ جبريل
(١) البغوي شرح السنة ١٤/٣٠٤، وجاء في المشكاة (٣/١٤٥٨) عزوه للبغوي بهذا السياق وللبيهقي في الشعب، لكنّه لم يذكر "إنّ روح القدس ... " وكذا ابن ماجه في سننه برقم ٢١٧٣ ك: التجارات بدونه، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (٢/٤) ، وابن حبان في صحيحه كما في الموارد برقم ١٠٨٤، ١٠٨٥، وانظر الصحيحة للشيخ الألباني (١/٦/٢٠٩) . (٢) تراجع سورة الصافات: ١٠٢-١٠٣. (٣) البخاري في صحيحه، ك: بدء الوحي، وانظر (الأرقام) ٤٩٥٥، ٤٩٥٦، ٦٩٨٢.