المراد رمح منسوب إلى امرأة تسمى ردينة، فحصل التفصيل باعتبار أنه لم يأخذ سنا اللهب، بل اعتبره بقيد كونه لم يتصل بدخان على خلاف المعهود، فإن اللهب لا ينفك فى المعهود عن الدخان، فالشاعر فصل وأخذ اللهب منفصلا عن الدخان، واستحضاره اللهب المنفصل عن الدخان، لا يقع فى الخاطر إلا بتدقيق الفكر، وبهذا ظهر أن مراده بأخذ بعض الأوصاف وترك بعض: أن يأخذ الحقيقة، مريدا بعض أوصافها، مشترطا تعريها عن بعض الأوصاف، وهذا أخص من قولنا: ويدع بعضا.
(قوله: وأن يعتبر الجميع) هو الوجه الثانى، أى: يعتبر جميع أوصاف ذلك الشئ كما سبق. وفيه نظر؛ لأن اعتبار جميع الأوصاف لا يمكن، فينبغى أن يقال:
جملة منها، أو يقال: وجميع الأوصاف التى يجتمع منها تركيب فى المعنى.
مثاله: تشبيه الثريا بعنقود ملاحية، فإنه اعتبر فيها سبعة أشياء كما تقدم، وأورد على المصنف أنه ذكر أولا وجوها، ولم يذكر إلا اثنين، وهو غير وارد، كأنه لم
(١) البيت لامرئ القيس وليس فى ديوانه، الإشارات ص ١٩٦، ويروى (يتصل) بدلا من (يختلط). الردينى: الرمح منسوب لامرأة تسمى ردينة اشتهرت بصناعة الرماح. (٢) البيت لامرئ القيس فى ديوانه ص ١٧٠. وله رواية: جمعت ردينيا كأن سنانه ...