[النَّوْعُ الثَّانِي التَّخْصِيصُ بِالشَّرْطِ]
وَالنَّظَرُ فِي حَدِّهِ وَأَقْسَامِهِ وَصِيَغِ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ وَأَحْكَامِهِ
أَمَّا حَدُّهُ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: هُوَ مَا لَا يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ دُونَهُ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَهُوَ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ فِيهِ تَعْرِيفَ الشَّرْطِ بِالْمَشْرُوطِ، وَالْمَشْرُوطُ مُشْتَقٌّ مِنَ الشَّرْطِ فَكَانَ أَخْفَى مِنَ الشَّرْطِ، وَتَعْرِيفُ الشَّيْءِ بِمَا هُوَ أَخْفَى مِنْهُ مُمْتَنِعٌ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ جُزْءُ السَّبَبِ إِذَا اتَّحَدَ، فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ الْحُكْمُ دُونَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْحُكْمِ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ (١) .
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الشَّرْطُ هُوَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ فِي تَأْثِيرِهِ لَا فِي ذَاتِهِ (٢) .
وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا، فَإِنَّ الْحَيَاةَ الْقَدِيمَةَ شَرْطٌ فِي وُجُودِ عِلْمِ الْبَارِي - تَعَالَى - وَكَوْنِهِ عَالِمًا وَلَا تَأْثِيرَ وَلَا مُؤَثِّرَ.
وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: الشَّرْطُ هُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيُ أَمْرٍ مَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِوُجُودِهِ وَلَا دَاخِلًا فِي السَّبَبِ.
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِّ شَرْطُ الْحُكْمِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَشَرْطُ السَّبَبِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ شَرْطِ السَّبَبِ انْتِفَاءُ السَّبَبِ، وَلَيْسَ هُوَ سَبَبُ السَّبَبِ وَلَا جُزْءُهُ، وَفِيهِ احْتِرَازٌ عَنِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ مَدَارِكِهِ، وَعَنِ انْتِفَاءِ الْمُدْرَكِ الْمُعَيَّنِ وَجُزْئِهِ.
وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى شَرْطٍ عَقْلِيٍّ كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ، وَإِلَى شَرْعِيٍّ، كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ، وَالْإِحْصَانِ لِلرَّجْمِ. وَإِلَى لُغَوِيٍّ، وَصِيَغُهُ كَثِيرَةٌ وَهِيَ: إِنِ الْخَفِيفَةُ وَإِذَا وَمَنْ وَمَا وَمَهْمَا وَحَيْثُمَا وَأَيْنَمَا وَإِذْمَا.
(١) أَيْ أَنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ حَيْثُ وُجِدَ التَّعْرِيفُ وَلَمْ يُوجَدِ الْمُعَرَّفُ.(٢) كَأَنَّ فِيهِ تَحْرِيفًا، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ: مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمُؤَثِّرُ فِي تَأْثِيرِهِ لَا فِي ذَاتِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا قَالَ غَيْرُهُ مَا يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute