قُلْنَا: أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ كَوْنِهَا حُجَّةً بِالنَّقْلِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ حَكَمَ بِكَوْنِهَا حُجَّةً عَلَى مَنْ بَعْدَهُ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ الْمَنْقُولِ عَنِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ (١) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» " فَالْكَلَامُ فِي اخْتِصَاصِهِ بِالْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِهِ كَالْكَلَامِ فِي الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَلَى لِسَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ وُجِدَ بَعْدَهُ، وَهُوَ أَشْبَهُ حُجَجِ الْخُصُومِ، فَجَوَابُهُ أَنَّا بَيَّنَّا امْتِنَاعَ الْمُخَاطَبَةِ لِمَنْ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ بِمَا لَا مِرَاءَ فِيهِ (٢) .
وَعِنْدَ ذَلِكَ فَيَجِبُ اعْتِقَادُ اسْتِنَادِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ إِلَى النُّصُوصِ مِنْ جِهَةِ مَعْقُولِهَا، لَا مِنْ جِهَةِ أَلْفَاظِهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمَعْنَى فَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهُ فِي مَسْأَلَةِ خِطَابِ النَّبِيِّ لِلْوَاحِدِ مِنَ الْأُمَّةِ (٣) .
(١) وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ تَنَاوُلِهَا الْمَعْدُومَ بِالْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَتَتَضَافَرُ الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِهَا(٢) إِنَّمَا اسْتَدَلَّ بِمَا يُثْبِتُ أَنَّ الْمَعْدُومَ وَقْتَ الْخِطَابِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُشَافَهٌ بِهِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا أَنَّ خِطَابَهُ وَشَرَائِعَهُ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ فَلَمْ تَتَعَرَّضْ لَهُ أَدِلَّتُهُ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا تَتَعَارَضُ الْأَدِلَّةُ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرَ.(٣) سَبَقَ أَيْضًا مَا فِيهِ تَعْلِيقًا هُنَاكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute