[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مَعْنَى الْعُمُومِ وهَلْ لَهُ فِي اللُّغَةِ صِيغَةٌ أَمْ لَا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ (١)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى الْعُمُومِ: هَلْ لَهُ فِي اللُّغَةِ صِيغَةٌ مَوْضُوعَةٌ لَهُ خَاصَّةٌ بِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَتِ الْمُرْجِئَةُ (٢) إِلَى أَنَّ الْعُمُومَ لَا صِيغَةَ لَهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنَ الصِّيَغِ حَقِيقَةٌ فِي الْعُمُومِ مَجَازٌ فِيمَا عَدَاهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَالَفَ فِي الْجَمْعِ الْمُنْكَرِ وَالْمَعْرُوفِ وَاسْمِ الْجِنْسِ إِذَا دَخَلَهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ كَمَا يَأْتِي تَعْرِيفُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي هَاشِمٍ (٣) .
وَذَهَبَ أَرْبَابُ الْخُصُوصَ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ حَقِيقَةٌ فِي الْخُصُوصِ وَمَجَازٌ فِيمَا عَدَاهُ، وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ بِالِاشْتِرَاكِ (٤) فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَالْآخَرُ: الْوَقْفُ وَهُوَ عَدَمُ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ مِمَّا قِيلَ فِي الْحَقِيقَةِ (٥) فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ أَوِ الِاشْتِرَاكِ، وَوَافَقَهُ عَلَى الْوَقْفِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ (٦) .
وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ.
(١) انْظُرْ ص٢ - ٣ مِنْ ج٤ مِنْ بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ لِابْنِ الْقَيِّمِ طَبْعَ مُنِيرٍ(٢) الْإِرْجَاءُ: التَّأْخِيرُ، وَالْمُرْجِئَةُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ أَصْنَافٌ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ كَجَهْمٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ مُجَرَّدُ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ كَالْكَرَامِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: التَّصْدِيقُ وَعَمَلُ الْقَلْبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ وَقَوْلُ اللِّسَانِ وَهُمْ مُرْجِئَةُ الْفُقَهَاءِ، وَسُمُّوا مُرْجِئَةً لِتَأْخِيرِهِمْ بَعْضَ مُسَمَّى الْإِيمَانِ عَنِ الدُّخُولِ فِي مَفْهُومِهِ، وَهُنَاكَ طَوَائِفُ أُخْرَى مِنَ الْمُرْجِئَةِ، فَمَنْ أَرَادَ تَفْصِيلَ الْقَوْلِ فِيهَا فَلْيَرْجِعْ إِلَى كِتَابِ الْإِيمَانِ لِابْنِ تَيْمِيَةَ وَكُتُبِ الْفِرَقِ(٣) أَبُو هَاشِمٍ: هُوَ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْجُبَّائِيُّ الْمُعْتَزِلِيُّ(٤) أَيِ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ(٥) فِي الْحَقِيقَةِ - لَعَلَّهُ مِنَ الْحَقِيقَةِ - لِيَكُونَ بَيَانًا لِقَوْلِهِ: مِمَّا قِيلَ(٦) هُوَ الْبَاقِلَّانِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute