كُلُّ بَيْعٍ غَائِبٍ مَعْلُومَ الصِّفَاتِ، وَكُلُّ بَيْعٍ صَحِيحٍ مَعْلُومَ الصِّفَاتِ، وَلَازِمُهُ كَلَازِمِ الَّذِي قَبْلَهُ (١) .
وَالْإِنْتَاجُ فِي هَذَا الشَّكْلِ غَيْرُ بَيِّنٍ بِنَفْسِهِ، بَلْ هُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى بَيَانٍ وَذَلِكَ بِأَنْ تَعْكِسَ (٢) الْكُبْرَى مِنَ الْأَوَّلِ وَتُبْقِيهَا كُبْرَى بِحَالِهَا، فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَى الضَّرْبِ الثَّانِي مِنَ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ نَاتِجًا عَيْنَ الْمَطْلُوبِ (٣) وَتَعْكِسُ الصُّغْرَى مِنَ الثَّانِي فَتَجْعَلُهَا كُبْرَى، ثُمَّ تَسْتَنْتِجُ وَتَعْكِسُ النَّتِيجَةَ فَيَعُودُ إِلَى عَيْنِ الْمَطْلُوبِ (٤) وَأَنْ تَعْكِسَ الْكُبْرَى مِنَ الثَّالِثِ وَتُبْقِيَهَا كُبْرَى بِحَالِهَا فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَى الضَّرْبِ الرَّابِعِ مِنَ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ نَاتِجًا عَيْنَ الْمَطْلُوبِ (٥) وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ مِنْهُ لَا يَتَبَيَّنُ بِالْعَكْسِ، لِأَنَّكَ إِنْ عَكَسْتَ
(١) إِذَا نَظَرْتَ فِي هَيْئَةِ الشَّكْلِ الثَّانِي وَجَدْتَ الْحَدَّ الْوَسَطَ مَحْمُولًا فِي الْمُقَدِّمَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى فِي جَمِيعِ ضُرُوبِهِ، وَوَجَدْتَ الْحَدَّ الْأَصْغَرَ مَوْضُوعًا فِي الصُّغْرَى وَالْأَكْبَرَ مَوْضُوعًا فِي الْكُبْرَى، بِخِلَافِ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ، فَالْحَدُّ الْوَسَطُ فِيهِ مَحْمُولٌ فِي الصُّغْرَى مَوْضُوعٌ فِي الْكُبْرَى فِي جَمِيعِ أَضْرَابِهِ، وَالْحَدُّ الْأَصْغَرُ مَوْضُوعٌ فِي الصُّغْرَى وَالْأَكْبَرُ مَحْمُولٌ فِي الْكُبْرَى.(٢) تَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْمُرَادِ بِالْعَكْسِ عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ ص ٢٣٤ ج٣.(٣) عَكْسُ الْكُبْرَى فِي مِثَالِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّكْلِ الثَّانِي كَمَا يَلِي - لَا شَيْءَ مِمَّا صِفَاتُهُ مَجْهُولَةٌ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَإِذَا رُكِّبَتْ مَعَ الصُّغْرَى كَانَ الْقِيَاسُ كَمَا يَلِي - بَيْعُ غَائِبٍ فَصِفَاتُ الْمَبِيعِ فِيهِ مَجْهُولَةٌ، وَلَا شَيْءَ مِمَّا صِفَاتُ الْمَبِيعِ فِيهِ مَجْهُولَةٌ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَبِذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الضَّرْبِ الثَّانِي مِنَ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ وَلَازِمُهُ؛ أَيْ: نَتِيجَتُهُ لَا شَيْءَ مِنْ بَيْعِ الْغَائِبِ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَهُوَ عَيْنُ الْمَطْلُوبِ.(٤) عَكْسُ الصُّغْرَى مِنَ الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الشَّكْلِ الثَّانِي، هَكَذَا لَا شَيْءَ مِنْ مَعْلُومِ الصِّفَاتِ بِبَيْعِ غَائِبٍ، وَإِذَا جَعَلْنَاهَا كُبْرَى وَمَا كَانَ كُبْرَى جُعِلَ صُغْرَى كَانَ تَرْكِيبُ الْقِيَاسِ هَكَذَا: كُلُّ بَيْعٍ صَحِيحٍ فَمَعْلُومُ الصِّفَاتِ، وَلَا شَيْءَ مِنْ مَعْلُومِ الصِّفَاتِ بَيْعُ غَائِبٍ، وَلَازِمُهُ لَا شَيْءَ مِنَ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ بِبَيْعِ غَائِبٍ، وَإِذَا عَكَسْنَا النَّتِيجَةَ صَارَتْ: لَا شَيْءَ مِنْ بَيْعِ الْغَائِبِ صَحِيحٌ، وَهُوَ عَيْنُ الْمَطْلُوبِ.(٥) عَكْسُ كُبْرَى لِلضَّرْبِ الثَّالِثِ مِنْ أَضْرُبِ الشَّكْلِ الثَّانِي، هَكَذَا لَا شَيْءَ مِنْ مَجْهُولِ الصِّفَاتِ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَإِذَا بَقِيَتْ كُبْرَى مَعَ صُغْرَى ضَرْبُهَا كَانَ الْقِيَاسُ كَمَا يَلِي: بَعْضُ بَيْعِ الْغَائِبِ مَجْهُولُ الصِّفَاتِ وَلَا شَيْءَ مِنْ مَجْهُولِ الصِّفَاتِ يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَبِذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الضَّرْبِ الرَّابِعِ مِنَ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ، وَلَازِمُهُ؛ أَيْ: نَتِيجَةُ بَعْضِ بَيْعِ الْغَائِبِ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ عَيْنُ الْمَطْلُوبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute