هل مسعد أشكو إليه وإنما … أشكو صروف الدهر لا أشكوهم
ذاد الكري عن مقلتي خيالكم … فالنوم أقلع والسهاد مخيّم
بخل الزمان بكم عليّ فبان بي … عنكم وساعده القضاء المبرم
أتراه يسمح بالوصال فاشتكي … وأبثّ ما لاقيت منه إليكم
إن خفّ وبلكم (١) … وشط مزاركم
فخليفتي رب السماء عليكم
كنا نذم من الزمان حميده … قدما فكيف الآن وهو مذمم
في كل يوم من الزمان نكبة … تعتادني (٢) ختلا ويوم أيوم
تقضي حوادثه عليّ بجورها … وصروفها أنى تشاء وتحكم
حظ خصصت به وجد نازل … بي في الحضيض وجانب متهضّم
ومن العجائب أنني عاينته … فيما جناه فأعقبتني الصّيلم
لا تسألي يا عزّ عما نابني … فمن الحديث محدّث ومكتمّ
كفي كفاك ولا أبا لك أنني … أصبحت والأعداء في تحكّموا
ملقى بدار مذلّة مستوطنا … سجنا أسام الخسف فيه وأظلم
لا ناصر لي ألتجي بفنائه … أنىّ انتصرت ولا وليّ مكرم
(٢٠٠ - ظ)
أمسي وأصبح في الحديد مكبلا … من غير ما جرم كأني مجرم
متقمّصا ثوب الأسى قد بزني … ثوب التصبر والتأسي أدهم
قيد ثقيل قد براني حمله … وجوى أكابده وسجن مظلم
سيّان فيه ليلنا ونهارنا … وحياتنا ماذيها (٣) والعلقم
ولذاك أيسر من مقالة حاسد … يسدي التمائم بالمحال ويبرم
قل للمريق دماءنا كفّ الأذى … عنّا فحسبك سعيك المتقدّم
ألزمتنا جرما ولمّا نجنه … ظلما فصار لزوم مالا يلزم
أمحمد أدعوك حين اظلّني … خطب يجل عن الخطوب ويعظم
ما خلت أنك تاركي تنتاشني … طلس الذئاب وأنت أنت الضيغم
(١) الوبل: المطر الشديد الضخم القطر. القاموس.
(٢) كتب ابن العديم في الهامش ما يفيد أنه في رواية أخرى «تغتالني».
(٣) الماذي: العسل. القاموس.