حتى تورد، ثم اعتلّ فدخلت عليه أعوده، فقلت له كيف تجدك؟ فقال:
كيف أشكوا الى طبيبي ما بي … والذي بي أصابني من طبيبي
فأخذت المروحة أروّحه، فقال لي: كيف يجد روح المروحة، من جوفه يحترق من داخل ثم أنشأ يقول:
القلب محترق والدمع مستبق … والكرب مجتمع والصبر مفترق
كيف القرار على من لا قرار له … مما جناه الهوى والشوق والقلق
يا رب إن كان شيء فيه لي فرج … فامنن عليّ به ما دام بي رمق (١)
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي-بقراءتي عليه-قال: أخبرنا عمر بن أبي (٢٤٣ - و) الحسن البسطامي قال: قرأت على أبي بكر الشيروي أخبركم أبو سعيد بن أبي الخير قال: سمعت أبا علي زاهر قال: سمعت أبا الحسن علي بن المثنى بأستراباذ (٢) يقول: سمعت جعفر بن محمد بن نصير الخلدي يقول:
سمعت الجنيد يقول: دخلت على السري في مرضه الذي مات فيه فقلت له: كيف تجدك يا شيخ؟ قال: عبد مملوك لا يقدر لنفسه شيئا، فأخذت المروحة لأروحه فقال: دعني كيف أتروح بريح المروحة، فأحشائي تحترق، فقلت له، أوصني أيها الشيخ قال إياك وصحبة العوام فقلت له: زدني، قال: فرفع رأسه إليّ بعد ما طأطأه وقال: لا تشتغل عن صحبة الله بصحبة الأخيار فقلت له: لو سمعت منك هذه الكلمة من قبل لما صحبتك.
وأخبرنا أبو هاشم بن الفضل أيضا قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن البختري بنوقان قال: حدثنا أبو على اسماعيل بن علي الجاجرمي بنيسابور قال: سمعت أبا سعيد بن أبي الخير، شيخ زمانه، يقول: سمعت أبا الحسن علي بن المثنى بأستراباذ فذكر مثله.
(١) -لم يرد هذا الخبر والشعر في حلية الأولياء، انظر تاريخ بغداد:١٩/ ١٩١. (٢) -بلدة كبيرة مشهورة أخرجت خلقا كثيرا من أهل العلم وهي من أعمال طبرستان. معجم البلدان.