ابن ابراهيم بن علي الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن عيسى الزهري قال حدثنا الزبير بن بكار قال:
أخبرني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي قال: حدثني أبي أن امرأة لقيت كثير عزة وكان قليلا دميما، فقالت: من أنت؟ قال: كثير عزة، قالت: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، قال: مه رحمك الله فاني أنا (٣٠٢ - ظ) الذي أقول:
فإن أك معروق العظام فإنني … إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن (١)
قالت: وكيف تكون بالقوم وازنا، وأنت لا تعرف إلا بعزة! قال: والله لئن قلت ذاك، لقد رفع الله عز وجل بها قدري وزين بها شعري وإنها لكما قلت:
فما روضه بالحزن طاهرة الثرى … يمج الندى جثجاثها (٢) وعرارها
بأطيب من أردان عزة موهنا … وقد وقدت بالمندل الرطب نارها
من الخفرات البيض لم تلق شقوه … وبالحسب المكنون صاف نجارها
فإن برزت كانت لعينك قرة … وإن غبت عنها لم يعممك عارها (٣)
قالت: أرأيت حين تذكر طيبها إذا استجمرت بالمندل الرطب، فلو أن زنجية استجمرت بالمندل الرطب لطاب ريحها، ألا قلت كما قال امرؤ القيس:
خليليّ مرابي على أم جندب … نقضي لبانات الفؤاد المعذب
ألم تر بأني كلما جئت طارقا … وجدت بها طيبا وإن لم تطيب (٤)
قال: الحق والله خير ما قيل، هو والله أنعت لصاحبته مني.
قلت الذي يقع لي أن كثير عزة أراد الروضه بقوله: «وقد وقدت بالمندل الرطب نارها» وفي الكلام تقديم وتأخير وقوله: هو أنعت لصاحبته (٣٠٣ - و) مني، إن صح الخبر، ففيه اعتراف بتفضيل بيتي امرؤ القيس على شعره والأمر كذلك
(١) -ديوان كثير-ط. بيروت ٣٨٠:١٩٧١.
(٢) -نبات سهلى ربيعي اذا أحس بالصيف ولى. معجم أسماء النبات الواردة في تاج العروس لمحمود الدمياطي-ط. القاهرة ٣٤:١٩٦٥.
(٣) -ديوان كثير:٤٢٩ مع فوارق.
(٤) -ديوانه:٦٤.