عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَعَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْمُهَاجِرِينَ، وَأَرْسَلَ إِلَى الرُّهْبَانِ وَالْقِسِّيسِينَ، فَجَمَعَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ جَعْفَرًا يَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَرَأَ سُورَةَ مَرْيَم: {كهيعص} وَقَامُوا تَفِيضُ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ، فَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ... } وَقَرَأَ عَلَيْهِم إِلَى {الشَّاهِدين} ١.
وَحدثنَا عبيد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْمُرَادِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سَلمَة بن الْفضل، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أم سَلمَة بنت أبي أُميَّة بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ٢:
لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ [النَّجَاشِيَّ٣] ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا نُؤْذَى، وَلا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ جَلْدَيْنِ وَأَنْ يُهْدُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ مَا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا الأَدَمُ، فَجَمَعُوا لَهُ٤ أَدَمًا كَثِيرًا، وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إِلا أَهْدَوْا إِلَيْهِ هَدِيَّةً. ثُمَّ بَعَثُوا [بِذَلِكَ] ٥ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَقَالُوا لَهُمَا: ادْفَعَا إِلَى كل بطرِيق هديته قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ، ثُمَّ قَدِّمَا إِلَى النَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ، ثُمَّ سَلاهُ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْكُمَا قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ. قَالَتْ: فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ، فَلَمْ يَبْقَ بِطْرِيقٌ إِلا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ، وَقَالا لِكُلِّ بِطْرِيقٍ: إِنَّهُ قَدْ ضَوَى٦ إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاء خالفوا٧
١ أَي إِلَى نِهَايَة الْآيَة التالية لهَذِهِ الْآيَة.٢ انْظُر فِي هَذَا الْخَبَر ابْن هِشَام ١/ ٣٥٨ والنويري ١٧/ ٢٤٧.٣ زِيَادَة من ابْن هِشَام والنويري.٤ هَكَذَا فِي ر وَابْن هِشَام، وَفِي الأَصْل: فَجمعُوا لَهُ مِنْهَا.٥ زِيَادَة من ابْن هِشَام.٦ ضوى: لَجأ.٧ فِي ر وَابْن هِشَام: فَارَقُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute