تشركون به، فقامت الحجة عليكم فأنتم الآن لا تستطيعون صرفاً للعذاب عنكم ولا نصراً أي ولا تجدون من ينصركم فيمنع العذاب عنكم.
وقوله تعالى:{ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيراً} هذا خطاب عام لسائر الناس يقول تعالى للناس ومن يشرك منكم بي أي يعبد غيري نذقه أي يوم القيامة عذاباً كبيراً وقوله تعالى: {وما أرسلنا قبلك} أي يا رسولنا {من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ١} إذاً فلا تهتم بقول المشركين {ما لهذا الرسول يأكل الطعام} ولا تحفل به فإنهم يعرفون ذلك ولكنهم يكابرون ويجاحدون.
وقوله تعالى:{وجعلنا بعضكم لبعض فتنة٢} أي هذه سنتنا في خلقنا نبتلي بعضهم ببعض فنبتلي المؤمن بالكافر والغني بالفقير والصحيح بالمريض والشريف بالوضيع، وننظر من يصبر ومن يجزع ونجزي الصابرين بما يستحقون والجزعين كذلك.
وقوله تعالى:{أتصبرون} هذا الاستفهام معناه الأمر أي اصبروا إذاً ولا تجزعوا أيها المؤمنون من أذى المشركين والكافرين لكم. وقوله تعالى:{وكان ربك بصيرا} أي وكان ربك أيها الرسول بصيراً بمن يصبر وبمن يجزع فاصبر ولا تجزع فإنها دار الفتنة والامتحان وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
٢- يا لهول الموقف إذا سئل المعبودون عمن عبدوهم، والمظلومون عمن ظلموهم.
٣- براءة الملائكة والأنبياء والأولياء من عبادة من عبدوهم.
٤- خطورة طول العمر وسعة الرزق إذ غالباً ما ينسى العبد بهما ربه ولقاءه.
٥- تقرير أن الدنيا دار ابتلاء فعلى أولى الحزم أن يعرفوا هذا ويخلصوا منها بالصبر والتحمل في ذات الله حتى يخرجوا منها ولو كفافاً لا لهم ولا عليهم.
١ أخرج مسلم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها". ٢ هذه الجملة تذييلية الغرض منها التسلية للرسول صلى عليه وسلم والمؤمنين من أجل ما يلاقون من عناد المشركين وأذاهم. والاستفهام في: {أتصبرون} معناه الحث على الصبر والأمر به نحو قوله: {فهل أنتم منتهون} . أي: عما حرّم من الخمر والميسر.