وقوله تعالى:{ثم أتبع سبباً} أي ما تحصل عليه من القوة في فتح المغرب استخدمه في مواصلة الغزو والفتح في المشرق {حتى إذا بلغ مطلع الشمس١ وجدها تطلع على٢ قوم} بدائيين لم تساعدهم الأرض التي يعيشون عليها على التحضر فلذا هم لا يبنون الدور ولا يلبسون الثياب، ولكن يسكنون الكهوف والمغارات والسراديب وهو ما دل عليه قوله تعالى:{لم نجعل لهم من دونها} أي الشمس {سترا} . وقوله تعالى:{كذلك٣} أي القول الذي قلنا والوصف الذي وصفنا لك من حال ذي القرنين {وقد أحطنا بما لديه} من قوة وأسباب مادية وروحية {خبراً} أي علماً كاملاً. وقوله تعالى:{ثم أتبع} أي ذو القرنين {سبباً} أي واصل طريقه في الغزو والفتح {حتى إذا بلغ بين السدّين٤} وهما جبلان بأقصى الشمال الشرقي للأرض بنى ذو القرنين بينهما سداً عظيماً حال به دون غزو يأجوج ومأجوج للإقليم المجاور لهم، وهم القوم الذين قال تعالى عنهم {وجد من دونهما٥ قوماً لا يكادون يفقهون قولاً} فلا يفهمون ما يقال لهم ويخاطبون به إلاّ بشدة وبطء كبير.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير نبوة النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ هذا جواب آخر أسئلة قريش الثلاثة. قرأه عليهم قرآناً موحى به إليه.
٢- إتباع السبب السبب يصل به ذو الرأي والإرادة إلى تحقيق ما هو كالمعجزات.
٣- قول: ذو القرنين: {أما من ظلم....} الخ يجب أن يكون مادة دستورية يحكم به الأفراد والجماعات لصدقها وإجابتها وموافقتها لحكم الله تعالى ورضاه، ومن الأسف أن
١ المطلع: يجوز فيه كسر الميم وفتحها مثل المنسك والمجزر والمسكن والمنبت هذه يجوز فيها وجهان الكسر والفتح في ميمها. ٢ قال صاحب النوير: والظاهر أنه بلغ ساحل اليابان في حدود منشورياً أو كورياً شرقاً. ٣ جائز أن يكون المعنى: كذلك أمرهم كما قصصنا عليك وهو معنى ما في التفسير وجائز أن يكون كما بلغ مغرب الشمس بلغ مطلعها كذلك. ٤ قرأ حفص بفتح السين، وقرأ نافع بضمها، ونظير السد في الفتح والضم الضعف والقر والقر. ٥ قوله: من دونهما يعني أمام الدين لا خلفهما إذ خلفهما يأجوج ومأجوج.