يعبدونهم معه {قل سموهم} ١ أي قل لهم يا رسولنا سموا لنا تلك الشركاء صفوهم بينوا من هم؟ {أم تنبئونه بما لا يعلم٢ في الأرض} أي أتنبئون الله بما لا يعلم في الأرض؟ {أم بظاهر من القول} أي بل بظاهر٣ من القول أي بظن باطل لا حقيقة له في الواقع.
وقوله تعالى:{بل زين للذين كفروا مكرهم} أي قولهم الكاذب وافتراؤهم الماكر فبذلك٤ صدوا عن السبيل سبيل الحق وصرفوا عنه فلم يهتدوا إليه، {ومن يضلل الله فما له من هاد} وقوله تعالى: {لهم عذاب في الحياة الدنيا} بالقتل والأسر، {ولعذاب الآخرة أشق} أي أشد من عذاب الدنيا مهما كان {وما لهم من الله من واق} ٥ أي وليس لهم من دون الله من يقيهم فيصرفه عنهم ويدفعه حتى لا يذوقوه، وقوله تعالى:{مثل الجنة التي وعد المتقون} أي لما ذكر عذاب الآخرة لأهل الكفر والفجور ذكر نعيم الآخرة لأهل الإيمان والتقوى، فقال:{مثل٦ الجنة التي وعد المتقون} أي صفة الجنة ووصفها بقوله: {تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم٧ وظلها} دائم كذلك فطعامها لا ينفد، وظلها لا يزول ولا ينسخ بشمس كظل الدنيا، وقوله:{تلك} أي الجنة {عقبى الذين اتقوا} أي ربهم فآمنوا به وعبدوه ووحدوه وأطاعوه في أمره ونهيه، {وعقبى٨ الكافرين النار} والعقبى بمعنى العاقبة في الخير والشر.
١ سموهم شركاء فإنهم ليس لهم حظ من ذلك إلاّ التسمية فيكون الأمر للإباحة كناية عن عدم المبالاة بادعائهم أنهم شركاء، وذكر هذا المعنى صاحب التحرير، وهو معنى جميل. ٢ أم هي المنقطعة ودلّت على أنّ ما بعدها استفهام إنكاري توبيخي، وقوله، {بما لا يعلم في الأرض} وما لا يعلمه الله فليس بموجود إذ الله خالق كل شيء. ٣ بل بظاهر من القول ليس بظاهر من الظهور بل هو بمعنى الزوال والبطلان وشاهده قول الشاعر، وتلك شكاة ظاهر عليك عارها. أي: باطل زائل. ٤ إن بعض المشركين زيّن للمشركين عبادة الأصنام، ورغّبهم في عبادتها مكراً بهم فانخدعوا له، وحسبوه زيناً وذلك كعمرو بن لحيّ إذ هو أوّل من دعا إلى عبادة الأصنام في بلاد العرب. ٥ واق، وقاض ووال: يوقف عليها بدون ياء، إلاّ إذا نودي نحو: يا قاضي يا والي فإنه يوقف عليه بالياء ومن: صلة لتقوية الكلام. ٦ {مثل الجنة} : الخ: مبتدأ والخبر محذوف تقديره فيما يتلى عليكم: مثل الجنة، وقيل الخبر: تجري من تحتها الأنهار. والأوّل أولى. ٧ في الآية ردّ على الجهمية القائلين بفناء نعيم الجنة. ٨ أي: عاقبة أمر المكذبين وآخرتهم النار يدخلونها.