- في آية التسبيح أخبر الله عزّ وجلّ عن مقولة المشركين باتخاذه ولداً، ويقصدون بذلك الملائكة حيث جعلوهم بنات الله -كما سبق بيان ذلك فيما قبل- قال تعالى:{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً} .
- وبعد ذِكْره تعالى لمقالتهم هذه نزه ذاته الكريمة عنها فقال:{سُبْحَانَهُ} ؛ استعظاماً ممّا قالوا وتبرّؤاً مما وصفوه به، ثمّ ردّ عليهم بما يبطلها ويبيّن نزاهته عنها إذ قال عزّ شأنه:{بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} .
-وابتداء الردّ عليهم بحرف (بل) لإفادة الإضراب عن مقالتهم تمهيداً لإبطالها بما سيأتي بعدها. وكأنّه قيل: ليست الملائكة كما قالوا بل هم عباد له -تعالى- مقرّبون عنده. وهذه حجة في انتفاء بنوّة الملائكة لله -كما سبق بيانها-؛ لأنّ العبودية تنافي الولدية ii.
قال الجمل في حاشيته على الجلالين:"قوله: "والعبودية تنافي الولادة" هذا إمّا بحسب المعتاد الذي لا يتخلّف عند العرب من كون عبد الإنسان لا يكون
i سورة الأنبياء: الآيات (٢٦-٢٩) . ii انظر: تفسير الطبري ج١٧ ص١٢؛ تفسير ابن كثير ج٣ ص١٧٦؛ البحر المحيط لأبي حيان ج٦ ص٣٠٧؛ أضواء البيان للشنقيطي.