السُّنَّة مرتبطة بالقرآن ارتباطًا وثيقًا، فقد تكون مفصِّلة لِمُجْمَلِه كبيانها لكيفية الصلاة، ففي الحديث:"صلوا كما رأيتموني أُصلي" ١؛ حيث تحديد الوقت والعدد والكيفية، ونحو بيانها لكيفية الحج، ففي الحديث:"خذوا عني مناسككم" ٢، وأيضًا المسائل المتعلقة بالزكاة والصيام ...
وقد تكون مُقيِّدة لمطلقه، ومن ذلك قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} قيدت السُّنَّة القطع في المرة الأولى بقطع اليد من مفصل الكف ... ، وقوله تعالى في الميراث يقسَّم {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١١] قيدته السُّنَّة بأنه لا وصية لوارث، وبأن تكون الوصية لغيره في حدود الثلث ...
وقد تكون مُخصِّصة لعامه، ومن الأحكام التي جاءت عامة في القرآن الكريم الميراث في:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن}[النساء: ١١] خصصته السُّنَّة بأن القاتل لا يرث، ولا يرث المؤمن الكافر والعكس، وبقوله صلى الله عليه وسلم:"نحن الأنبياء لا نُورَث، ما تركناه صدقة"، ومنه أيضًا أن الله تعالى قال في الزواج:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُم}[النساء: ٢٤] خصصته السُّنَّة بأنه: "لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها، ولا على ابنة أخيها، ولا على ابن أختها، فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم"، وبقوله:"يُحَرَّم من الرضاع ما يحرم من النسب".
وقد تكون مُوَضِّحة لمشكله؛ كتوضيح الشجرة في:{كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة}[إبراهيم: ٢٤] بأنها النخلة، وكتوضيح التثبيت في:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ}[إبراهيم: ٢٧] بأن ذلك في القبر حين يُسأل المؤمن.
١ رواه البخاري ضمن حديث طويل عن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- مرفوعًا. راجع: صحيح البخاري "١٠" كتاب الأذان "١٨" باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة ... إلخ، حديث رقم "٦٣١"، وانظر: رقم "٦٢٨" وأطرافه. ٢ رواه مسلم في حديث لجابر بن عبد الله رضي الله عنه. راجع: صحيح مسلم "١٥" كتاب الحج "٥١" باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر، حديث رقم "٣١٠/ ١٢٩٧".