روى الإمام أحمد في مسنده وغيره بسند صحيح عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: كنت مع أبي عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان كالمعرض عن أبي، فخرجنا من عنده، فقال: ألم ترَ ابن عمك كالمعرض عني؟ فقلت: إنه كان عنده رجل يناجيه، قال: أوكان عنده أحد؟ قلت: نعم. فرجع إليه، فقال: يا رسول الله، هل كان عندك أحد؟ فقال لي:"هل رأيته يا عبد الله"؟ قال: نعم، قال:"ذاك جبريل فهو الذي شغلني عنك" ١.
وروى بأسانيد صحيحة عن موسى بن ميسرة: أن العباس بعث ابنه عبد الله إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حاجة، فوجد عنده رجلًا، فرجع ولم يكلمه. فلقي العباس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك فقال: أرسلت إليك ابني فوجد عندك رجلًا، فلم يستطع أن يكلمه. فقال:"يا عم! تدري من ذاك الرجل" قال: لا، قال:"ذاك جبريل لقيني، لن يموت ابنك حتى يذهب بصره ويؤتى علمًا" ٢.
- عبادته وورعه:
روى صالح بن رستم الخزاز، عن ابن أبي مليكة: صحبت ابن عباس -رضي الله عنهما- من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل قام شطر الليل، فسأله أيوب: كيف كانت قراءته؟ قال: قرأ: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق: ١٩] فجعل يرتل ويكثر في ذلك النَّشِيج٣.
وفي رواية عن ابن أبي مليكة: صحبت ابن عباس عن مكة إلى المدينة، فكان
١ المسند "١/ ٢٩٣، ٢٩٤، ٣١٢"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "٩/ ٢٧٦" وقال: "رواه أحمد والطبراني بأسانيد، ورجالها رجال الصحيح"، ورواه أبو داود والطيالسي في مسنده "٢/ ١٤٩". ٢ ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "٩/ ٢٧٧" وقال: "رواه الطبراني بأسانيد ورجاله ثقات". ٣ سير أعلام النبلاء "٣/ ٣٤٢"، الحلية "١/ ٣٢٧"، والنشيج: أحر البكاء، وهو مثل البكاء للصبي إذا ردد صوته في صدره ولم يخرجه.