في معجم الطبراني الكبير بإسناد حسن عن أبي أمامة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتب واحدة)(١) .
هل تكتب الملائكة أفعال القلوب؟
استدلّ شارح الطحاوية (٢) على أنّ الملائكة تكتب أفعال القلوب بقوله تعالى: (يعلمون ما تفعلون)[الانفطار: ١٢] ، فالآية شاملة للأفعال الظاهرة والباطنة.
واستدل أيضاً بالحديث الذي يرويه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عزّ وجلّ: إذا همّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا همّ بحسنة فلم يعملها، فاكتبوها حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشراً)(٣) .
وفي الحديث الآخر المتفق عليه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قالت الملائكة: ربّ ذاك عبد يريد أن يعمل سيئة، وهو أبصر به، فقال: ارقبوه، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، إنّما تركها من جرّاي)(٤) .
شبهة:
قد يقال: ألا يتناقض علم الملائكة بإرادة الإنسان وقصده مع قوله تعالى: (يعلم خائِنة الأعين وما تُخْفِي الصدور)[غافر: ١٩] .
فالجواب: أن هذا ليس من خصائص علم الله تعالى، فهو وإن خفي عن البشر، فلا يعلم واحدهم ما في ضمير أخيه، فلا يلزم أن يخفى عن الملائكة.
وقد يقال: إن الملائكة تعلم بعض ما في الصدور، وهو الإرادة والقصد، أمّا بقية الأمور كالاعتقادات، فلا دليل على كونها تعلمها.
(١) صحيح الجامع: ٢/٢١٢. (٢) شرح العقيدة الطحاوية: ص ٤٣٨. (٣) صحيح مسلم: ١/١١٧. ورقمه: ١٢٨. (٤) صحيح مسلم: ١/١١٧. ورقمه: ١٢٩، واللفظ له، ورواه البخاري: ١٣/٤٦٥. ورقمه: ٧٥٠١.