١٣٨٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبٍ، نَا ابْنُ خُبَيْقٍ؛ قَالَ: كَتَبَ حُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ إِلَى يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ: أَمَّا بَعْدُ! فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ، وَالْعَمَلِ بِمَا عَلَّمَكَ اللهُ، وَالْمُرَاقَبَةِ حَيْثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالِاسْتِعْدَادِ لِمَا لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ حِيلَةٌ، وَلا يُنْتَفَعُ بِالنَّدَمِ عِنْدَ نُزُولِهِ؛ فَاحْسُرْ عَنْ رَأْسِكَ قِنَاعَ الْغَافِلِينَ، وَانْتَبِهْ مِنْ رَقْدَةِ الْمَوْتَى، وَشَمِّرْ لِلسِّبَاقِ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَيْدَانُ السَّابِقِينَ، وَلا تَغْتَرَّ بِمَنْ قَدْ أَظْهَرَ النُّسُكَ وَتَشَاغَلَ بِالْوَصْفِ وَتَرَكَ الْعَمَلَ بِالْمَوْصُوفِ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُ لا بُدَّ لِي وَلَكَ مِنَ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَسْأَلُنَا عَنِ الدَّقِيقِ الْخَفِيِّ، وَعَنِ الْجَلِيلِ الْجَافِي، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَسْأَلَنِي وَإِيَّاكَ عَنْ وَسَاوِسِ الصُّدُورِ وَلَحَظَاتِ الْعُيُونِ وَإِصْغَاءِ الْأَسْمَاعِ، وَمَا عَسَى أَنْ يَعْجِزَ مِثْلِي عَنْ وَصْفِ مِثْلِهِ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُ مِمَّا وُصِفَ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ ⦗٢٣٣⦘ أَنَّهُمْ خَالَطُوا أَهْلَ الدُّنْيَا بِأَبْدَانِهِمْ، وَطَابَقُوهُمْ عَلَيْهَا بِأَهْوَائِهِمْ، وَخَضَعُوا لِمَا طَمِعُوا مِنْ نَائِلِهِمْ، وَسَكَتُوا عَمَّا سَمِعُوا مِنْ بَاطِلِهَا، وَفَرِحُوا بِمَا رَأَوْا مِنْ زِينَتِهَا، وَدَاهَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَتَرَكُوا بَاطِنَ الْعَمَلِ بِالنُّصْحِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَيِّدِهِمْ، فَحَرَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ الثَّمَنَ الرَّبِيحَ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُ لا يُجْزِئُ مِنَ الْعَمَلِ الْقَوْلُ، وَلا مِنَ الْبَذْلِ الْعِدَّةُ، وَلا مِنَ التَّوَقِّي التَّلاوَمُ؛ فَقَدْ صِرْنَا فِي زَمَانٍ هَذِهِ صِفَةُ أَهْلِهِ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَهَالِكِ، وَصَدَّ عَنِ السَّبِيلِ، وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ لِمَا يُحِبُّ، وَالسَّلامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute