لما أتيتُ بها الأعرابَ أدفنها … أهونْ علىَّ بشخص ثمّ مدفون (١)
جاءت برائبة صفراء حامضة … وجردق من حصاد المعجون (٢)
فكلْ بنيَّ فإن الخمرَ غاليةٌ … وليس يشربها غيرُ المجانين
يا أم إني أكلت النُّون بعدكم … فهل لنا من شرابٍ هاضم النُّونِ (٣)
- ١٣ -
ومنهم الحطيئة، هجا أمه، كانت آثرت أخاه عليه فقال:
جزاكِ الله شرّا من عجوز … ولقّاك العقوق من البنينا (٤)
تنحَّىْ فاقعدي عنَّا بعيداً … أراحَ الله منكِ العالمينا (٥)
حياتكِ ما علمتُ حياةُ سوءٍ … وموتك قد يسرّ الصالحينا
وغربالٌ إذا استودعتِ سرَّا … وكانونٌ على المتحدَّثينا (٦)
(١) الدفن: الستر والمواراة، ومنه ادفان العبد، وهو أن يختفى عن مواليه، يدفن نفسه في البلد، أي يكتمها. (٢) رائبة: أي طائفة من اللبن قد رابت. راب اللبن: خثر. وفي الأصل «رابية» تحريف. والجردق: الرغيف، فارسي مغرب. والكلمة التي قبل الأخيرة مطموسة في الأصل لم يظهر منها إلا الألف واللام، لعلها «البر». (٣) النون: الحوت. (٤) الأبيات في ديوانه ٦١ والشعراء ٢٧٢ والأغانى ٢: ٤٣. (٥) الديوان والأغانى: «فاجلسى منى بعيدا» الشعراء: «فاقعدى منى». (٦) في الديوان والشعراء والأغانى: «أغربالا» و «وكانونا». وفي الديوان ٦١ مقطوعة أخرى شبيهة بها، أنشدها كذلك أبو الفرج في الأغانى ٢: ٦٣ برواية أخرى. والمقطوعة: جزاك اللّه شرا من عجوز … ولقاك العقوق من البنين لقد سوست أمر بنيك حتى … تركتهم أدق من الطحين لسانك مبرد لم يبق شيئا … ودرك در جاذبة دهين فإن تخلى وأمرك لا تصولى … بمشدود قواه ولا متين