وكل إنسان له شيطان يلازمه لا يفارقه، كما في حديث عائشة عند مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه، فجاء، فرأى ما أصنع، فقال:(ما لك يا عائشة؟ أغرت؟) فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم:(أقد جاءك شيطانك) . قالت: يا رسول الله، أو معي شيطان؟ قال:(نعم) ، قلت: ومع كل إنسان؟ قال:(نعم) ، قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال:(نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم)(١) .
وروى مسلم عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد وُكّلَ به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة) ، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال:(وإياي، إلا أنّ الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير)(٢) .
وفي القرآن:(ومن يعش عن ذكر الرَّحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرينٌ)[الزخرف: ٣٦] ، وفي الآية الأخرى:(وقيَّضنا لهم قرناء فزيَّنوا لهم مَّا بين أيديهم وما خلفهم)[فصلت: ٢٥] .
وللشيطان أتباع من الإنس اتخذوه وليّاً، يسيرون على خطاه، ويرضون بفكره، مع أنه العدو الأول الذي يسعى في إهلاكهم، وقبيح بالإنسان العاقل أن يتخذ عدوه وليّاً:(أفتتخذونه وذريَّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظَّالمين بدلاً)[الكهف: ٥٠] .
ولقد خسروا باتخاذه ولياً خسراناً مبيناً:(ومن يتَّخذ الشَّيطان وليّاً من دون الله فقد خسر خسراناً مُّبيناً)[النساء: ١١٩] . خسروا لأن الشيطان سيدسّي نفوسهم ويفسدها، ويحرمهم من نعمة الهداية، ويرمي بهم في الضلالات والشبهات: (والَّذين كفروا أولياؤهم الطَّاغوت يخرجونهم