فـ" للذكر من بين الأعمال لذة لا يشبهها شيء، فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة للذاكر والنعيم الذي يحصل لقلبه لكفى به؛ ولهذا سُميت مجالس الذكر رياض الجنة، قال مالك بن دينار: وما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل، فليس شيء من الأعمال أخف مؤنة منه ولا أعظم لذة ولا أكثر فرحة وابتهاجًا للقلب"(١).
وأما لذة العلم بالله تعالى وبشرعه فإنها من أعظم اللذات في هذه الدنيا لمن صدق حبه للعلم، وأقبل عليه تمام الإقبال، ومن قرأ في سير العلماء يجد العجب العجاب من تلذذهم بالعلم وتغنِّيهم بذلك.
وأما لذة الانتصار على الهوى وكبح جماح النفس الأمارة بالسوء فإنها لذة عظيمة؛ إذ حبس الهوى وإن كان على صاحبه مُرَّ الأوائل لكنه في آخره حلو العواقب. قال ابن الجوزي: " وفي قوة قهر الهوى لذة تزيد على كل لذة؛ ألا ترى إلى كل مغلوب بالهوى كيف يكون ذليلاً؟ لأنه
(١) الوابل الصيب، لابن القيم (ص: ١١٠). (٢) ديوان الإمام الشافعي (ص: ١١).