طَوِيلًا} [الإنسان: ٢٦]. " وذكرُ اسم الرب يشمل تبليغ الدعوة، ويشمل عبادة الله في الصلوات المفروضة والنوافل، ويشمل الموعظة بتخويف عقابه ورجاء ثوابه"(١). وقال:{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}[المزمل: ٨]" أي: أكثر من ذكره وانقطع إليه، وتفرغ لعبادته إذا فرغت من أشغالك وما تحتاج إليه من أمور دنياك؛ كما قال تعالى:{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ}[الشرح: ٧]. أي: إذا فرغت من أشغالك فانصب في طاعته وعبادته؛ لتكون فارغ البال"(٢).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}[الشورى: ٢٠] قال: يقول الله: (ابنَ آدم، تفرّغ لعبادتي أملأْ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك)(٣).
"أي: تفرغ عن مهماتك لطاعتي، ولا تشتغل باكتساب ما يزيد على قوتك وقوت من تعول؛ فإنك إن اقتصرت على ما لا بد منه واشتغلت بعبادتي (أملأ صدرك) أي: قلبك الذي في صدرك (غنى) وذلك هو الغنى على الحقيقة"(٤).
فـ "فرِّغ قلبك من الأغيار يملأه بالمعارف والأسرار"(٥). واعلم أن " الخذلان كل الخذلان أن تتفرغ من الشواغل ثم لا تتوجه إليه، وتقل عوائقك ثم لا ترحل إليه"(٦).
(١) التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٩/ ٣٧٦). (٢) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٢٦). (٣) رواه الترمذي (٤/ ٦٤٢)، والحاكم (٢/ ٤٨١)، وهو صحيح. (٤) فيض القدير، للمناوي (٢/ ٣٠٨). (٥) شرح الحكم العطائية (ص: ١٣٧). (٦) شرح الحكم العطائية (ص: ١٧٤).