سابعًا: انتقد البخاري بعض الأسانيد بعدم ثبوت السماع فيها، مع أن متون تلك الأسانيد ثابتة من طرق أخرى، ومن ذلك:
١- ... ذكر الترمذي حديث سعيد بن أبي عروبة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم من عقلها ... " الحديث. ثم قال الترمذي:(فسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا حديث مشهور من حديث الأعمش، ولا أعرف لسعيد بن أبي عروبة سماعًا من الأعمش وهو يدلس، ويروي عنه)(١) .
والحديث كما قال البخاري مشهور عن الأعمش (٢) ، وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما عن منصور عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه به (٣) ، فالحديث ثابت من غير الطريق التي انتقدها البخاري.
٢- ... روى الحسن البصري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما مرفوعًا حديث:"أفطر الحاجم والمحجوم"، وقد قال البخاري في هذا السند:"والحسن لا يعرف له سماع من أسامة"(٤) .
وقد صحح البخاري حديث أفطر الحاجم والمحجوم من غير هذه الطريق (٥) .
٣- ... نقل الترمذي في باب "ما جاء في دية الجنين" قول البخاري: (لا أدري عبيد بن نضلة سمع من المغيرة بن شعبة أم لا؟)(٦) .
ونص حديث عبيد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كما في صحيح
(١) العلل الكبير للترمذي (٢/٨٧٧) . (٢) انظر صحيح مسلم (١/٥٤٤) . (٣) انظر صحيح البخاري (٨/٦٩٧/ [٥٠٣٢] ) ، كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده، وصحيح مسلم (١/٥٤٤) . (٤) التاريخ الكبير (٢/١٨٠) . (٥) انظر العلل الكبير للترمذي (١/٣٦٢) . (٦) انظر العلل الكبير للترمذي (٢/٥٨٧) .