[كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: من عبد الله عمر أمير المؤمنين , إلى سهل مولاه أما بعد: «فإني اخترتك على علم مني بك لتأديب ولدي وصرفتهم إليك عن غيرك من موالي وذوي الخاصة لي , فخذهم بالحفا فهو أمعر لأقدامهم (١) , وترك الصبحة (٢) , فإن عادتها تكسب الغفلة , وقلة الضحك؛ فإن كثرته تميت القلب , وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي , التي بدؤها من الشيطان , وعاقبتها سخط الرحمن , فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما ينبت النفاق في القلب , كما ينبت العشب الماء ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور تلك] (٣) المواطن أيسر على ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه. وهو حين يفارقها لا يعتمد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع به وليفتتح كل غلام [ق ٦٢ /أ] منهم بجزئه من القرآن يتثبت في قراءته، فإذا فرغ منه أخذ بقوسه ونبله ورمي سبعة أرشاق (٤)، ثم انصرف إلى القائلة، فإن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول:"قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل"، والسلام».
هذا حديث رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذمّ الملاهي (٥) الحفا المقصور هو من المشي والممدود المشي بغير نعل (٦)، ذكره ابن دريد، قوله:"أمعر لأقدامهم" أي أصلب وهي الأرض العر التي لا نبات فيها، والصبحة نوم الغداة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(١) وبالأصل المطبوع من "ذم الملاهي": فخذهم بالجفاء فهو أمعن لإقدامهم "، إلا أن ما أثبته هو ظاهر صنيع المؤلف. [في نسخة العمرية من ذم الملاهي (١٥٧/ ب): " فَخُذْهُمْ بِالحَفَا فَهِيَ أَمْعَنُ لِأَقْدَامِهِمْ" بالحاء، ووضع حاء صغيرة تحت الحرف.] (٢) وبالأصل المطبوع: "الصحبة". (٣) ساقطة من الأصل. (٤) وفي الحاشية: "الرشق النوبة من الرمي، والجمع أرشاق". (٥) إسناده ضعيف - أخرج ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ص/٥٠) (٤٩) من طريق الحسين بن عبد الرحمن , قال: حدثني عبدالله بن عبدالوهاب , قال: أخبرني أبو حفص الأموي عمر بن عبدالله قال: كتب عمر بن عبد العزيز فذكره، وأعله محقق ذم الملاهي بجهالة شيخ ابن أبي الدنيا. (٦) وفي تهذيب اللغة: قال الزجاج الحفا مقصور أن يكثر عليه المشى حتى يُؤلمه المشى. قال: والحفاء ممدود أن يمشى الرجل بغير نعل