ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "واتبع أصحاب القليب لعنة"(١)، وقام عليهم يناديهم:"يا فلان! يا فلان! لقد وجدتُ ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً". قال أصحابه: يا رسول الله أتخاطب أقواماً قد جُيِّفوا. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، إلا أنهم لا يملكون جواباً".
أسمعهم الله -عز وجل- توبيخ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال أبو جهل: هل يُعفر محمَّد وجهه بين أظهركم؟ -أي يسجد ويلصق وجهه بالتراب- فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى! لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، أو لأعفرنَّ وجهه في التراب.
فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي. زعم ليطأ على رقبته فما فجئهم -أي بغتهم- فيه إلا وهو ينكص على عقبيه -أي: رجع يمشي إلى ورائه- ويتقي بيديه، فقيل له: مالك؟
فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً وأجنحة.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً".