الْأُذُنِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ آلَةُ السَّمْعِ فِي الْإِنْسَانِ يُقَالُ أُذُنٌ لَهُ كَمَا يُقَالُ: اسْتَمِعْ لَهُ، أَيْ أَصْغَى إِلَيْهِ أُذُنَهُ.
وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ مُرْسَلٌ فِي التَّأَثُّرِ لِأَمْرِ اللَّهِ التَّكْوِينِيِّ بِأَنْ تَنْشَقَّ. وَلَيْسَ هُوَ بِاسْتِعَارَةٍ
تَبَعِيَّةٍ (١) وَلَا تَمْثِيلِيَّةٍ (٢) .
وَالتَّعْبِيرُ بِ «رَبهَا» دون غير ذَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَطُرُقِ تَعْرِيفِهِ، لِمَا يُؤْذِنُ بِهِ وَصْفُ الرَّبِّ مِنَ الْمُلْكِ وَالتَّدْبِيرِ.
وَجُمْلَةُ: وَحُقَّتْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ المعطوفة والمعطوف عَلَيْهِ.
وَالْمَعْنَى: وَهِيَ مَحْقُوقَةٌ بِأَنْ تَأْذَنَ لِرَبِّهَا لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ سُلْطَانِ قُدْرَتِهِ وَإِنْ عَظُمَ سُمْكُهَا وَاشْتَدَّ خَلْقُهَا وَطَالَ زَمَانُ رَتْقِهَا فَمَا ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَّا مِنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ لَهَا، فَهُوَ الَّذِي إِذَا شَاءَ أَزَالَهَا.
فَمُتَعَلِّقُ حُقَّتْ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ: وَأَذِنَتْ لِرَبِّها، أَيْ وَحُقَّتْ بِذَلِكَ الِانْقِيَادِ وَالتَّأَثُّرِ يُقَالُ: حُقَّ فُلَانٌ بِكَذَا، أَيْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ. وَلَمَّا كَانَ فَاعِلُ تَوْجِيهِ الْحَقِّ غَيْرَ وَاضِحٍ تَعْيِينُهُ غَالِبا، كَانَ فَهَل حُقَّ بِكَذَا، مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَمَرْفُوعُهُ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، فَيُقَالُ: حَقِيقٌ عَلَيْهِ كَذَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: حَقِيقٌ عَلى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ [الْأَعْرَاف: ١٠٥] وَهُوَ مَحْقُوقٌ بِكَذَا، قَالَ الْأَعْشَى:
لَمَحْقُوقَةٌ أَنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ ... وَأَنْ تَعْلَمِي أَنَّ الْمُعَانَ مُوَفَّقُ
وَالْقَوْلُ فِي جُمْلَةِ: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ مِثْلُ الْقَوْلِ فِي جُمْلَةِ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ فِي تَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ.
وَمَدُّ الْأَرْضِ: بَسْطُهَا، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا يُزَالُ مَا عَلَيْهَا مِنْ جِبَالٍ كَمَا يُمَدُّ الْأَدِيمُ فَتَزُولُ انْثِنَاءَاتُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قَاعًا صَفْصَفاً لَا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً [طه: ١٠٥- ١٠٧] .
(١) رد على الخفاجي.(٢) رد على الطَّيِّبِيّ وسعدي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute