لا شكَّ أنَّ الوقفَ والوصيَّةَ على الفقهاءِ لا يقبلُ فيهِ منْ يدَّعي الفقهَ، وكذا الحديث وأشباه ذلك وإذا وقفَ على الأغنياءِ فلا بدَّ من إثباتِ ذلك. وإذا أُوقِفَ على الفقراءِ قُبِلَ قولَ مدَّعي الفَقرِ.
والصُّوفيُّ مُتَردِّدٌ بينَ ذلك، فإنْ جعلنَا التَّصوُّفَ عبارةً عن الصفاتِ النَّفسانيَّةِ فلا شكَّ أنّه يُقبلُ قولَه، كما إذا قالَ لزوجتهِ: إن حضتِ فأنتِ طالقٌ، يقبل قولها، بل ذلك أولى بالقَبولِ، فإنَّ الحيضَ يمكنُ إقامةُ البيِّنةِ عليهِ، وعلمُ الزوجِ له وبالرؤيةِ والقرائنِ، وكذا إذا قُلنا: الصوفيُّ المشتغلُ بالعباداتِ في الغالبِ فإنا لا نُريدُ بالعباداتِ إلّا ما زادَ على
(١) رواه الترمذي رقم (٢٣٤٣) في الزهد: باب رقم (٣٢) وهو عند الإمام مسلم رقم (١٠٣٦) في الزكاة: باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأحمد في "المسند" (٥/ ٢٦٢) من حديث أبي أُمامة رضي اللَّه عنه. (م). (٢) ذكره أبو نُعَيم في "حلية الأولياء" (١/ ٣٧) في أواخر ترجمة أبي بكرٍ الصِّدِّيق رضي اللَّه عنه. وبه تم تخريجنا لأحاديث هذا الكتاب النافع في غرة شهر رجب المعظم من عام (١٤٠٨) هـ، والحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات، وأسأل اللَّه عزَّ وجلَّ أن يجزي مؤلفه ومحققه وناشره خير الجزاء. (م).