وعلى النخل، فكذلك قوله:{فِي السَّمَاءِ} أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -» (١).
أما السنة: فهي مليئة بالأحاديث الدالة على علو الله على خلقه منها:
أولًا: إخباره - صلى الله عليه وآله وسلم - أن الله في السماء، قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً»(رواه البخاري ومسلم). وقال - صلى الله عليه وآله وسلم - للجارية:«أَيْنَ اللهُ؟»، قَالَتْ:«فِي السَّمَاء». قَالَ:«مَنْ أَنَا؟»، قَالَتْ:«أَنْتَ رَسُول اللهِ». قَالَ:«أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ»(رواه مسلم).
وجه الاستدلال من هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - شهد لها بالإيمان لما قالت إن الله في السماء.
وقال أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين في نصيحته لمشايخه من الأشاعرة:«فمَن تكونُ الراعيةُ أعلمَ باللهِ منه لكوْنه لا يعرف وجهة معبوده، فإنَّه لا يزال مظلمَ القلب، لا يستنيرُ بأنوار المعرفة والإيمان»(٢).
ثانيًا: لما خطب - صلى الله عليه وآله وسلم - في المجمع العظيم في حجة الوداع «قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟»، قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ:«اللهُمَّ، اشْهَدْ، اللهُمَّ، اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ثالثًا: من أدلة علو الله تعالى حديث معراج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم (٣) وهو صريح في ذلك؛ لأن جبريل - عليه السلام - كان يصعد بالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -
(١) الأسماء والصفات (٢/ ٣٢٤). (٢) مجموعة الرسائل المنيرية (١/ ١٨٥). كان أبو محمد الجوينِي والد إمام الحرمين في حيرة واضطراب في صفات الله - عز وجل -، ثمَّ صار إلى مذهب السَّلف، وألَّف رسالة نُصح لبعض مشايخه من الأشاعرة، وهي مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية (١/ ١٧٤ - ١٨٧). (٣) وقد ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله - في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص٥٠)، أن قصة الإسراء والمعراج متواترة، ونسأل المفتي: «الأشاعرة يستدلون في العقائد بالمتواتر، فهل تصح عندهم هذه القصة المتواترة دليلًا على علو الله على خلقه؟!!!».