بصيراً متكلماً عاقلاً واعياً، فقد أمر الله الملائكة بالسجود لآدم حين ينفخ فيه الروح، وتدبّ فيه الحياة (فإذا سوَّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)[ص: ٧٢] .
وأخبرنا الله بالمكان الذي أسكنه فيه بعد خلقه (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة)[البقرة: ٣٥] .
وبمجرد أن تمّ خلقه أخذ يتكلم ويفقه ما يقال له، ففي القرآن (وعلم آدم الأسماء كلها ثمَّ عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين - قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم - قال يا آدم أنبئهم بأسمائِهم)[البقرة: ٣١-٣٣] .
وفي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس، فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذنه، فقال له ربه: يرحمك الله يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة - إلى ملأٍ منهم جلوسٌ فَقُل: السلام عليكم. قالوا: عليك السلام ورحمة الله..) . (١)
هذا الإنسان الأول هو آدم وهو أبو الناس كافة، وخلق الله من آدم زوجه حواء، (يا أيُّها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها)[النساء: ١] .
ولم يكن خلق الإنسان ناقصاً ثم اكتمل، كما يقول أصحاب نظرية التطوّر؛ بل كان كاملاً، ثمّ أخذ يتناقص الخلق، ففي الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:(خلق الله آدم وطولُهُ: سِتّون ذراعاً) . (٢)
(١) رواه الترمذي: مشكاة المصابيح ٢/٥٤٢، ورقمه: ٤٦٦٢. وقال محقق المشكاة: صححه الحاكم ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. (٢) صحيح البخاري: ٦/٣٦٢، ورقمه: ٣٣٢٦، ورواه مسلم في صحيحه: ٤/٢١٨٣، ورقمه: ٢٨٤١، واللفظ للبخاري.