دعوتهم، ويرجف المرجفون بالشائعات المغرضة، وهم يعلمون أن أئمة الهدى منها برآء، والمرجفون في قرارة أنفسهم على أنفسهم شهداء {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}[الزخرف: ١٩]، وقال جل وعلا:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب: ٥٨]، وقال سبحانه: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين٤: ٦]، وقال تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}[العلق: ١٤].
وما بالقوم غيرة على الحق، وإنما هو الجهل العريض الذي يبدو لهم علمًا واسعًا، وإنما هو الكبر، والتيه، وبطر الحق، وغمط الناس منازلهم:
أضاع الفريضة والسُّنَّهْ ... فتاه على الإنس والجِنَّهْ
كأن النارَ من دونه ... وأفرده الله بالجَنَّه
إن منهج " هلك الناس "(١) الذي ينتهجه بعض الطَّغام ما هو إلا نَفَسٌ خارجي حروري وعيدي، وإن تدثر بدثار المغيرة على الحق والانتصار له.
عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ليس المؤمن بطعَّان، ولا لعَّان، ولا فاحش، ولا بذيء "(٢).
وعن رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى: أنه قال لرجل: " حَدِّثنا، ولا تحدثنا
(١) الإشارة إلى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: " إِذا قال الرجل: هلك الناس؛ فهو أهلكهم " بضم الكاف وبفتحها، رواه مسلم -واللفظ له- والإمام أحمد، والبخاري في " الأدب المفرد "، وأبو داود، وانظر شرحه في " فيض القدير " (١/ ٣٧٨). (٢) رواه الترمذي رقم (١٩٧٨)، والإمام أحمد في " المسند " (٣٨٣٩)، وابن حبان رقم (٤٨ - موارد)، والبخاري في " الأدب المفرد " رقم (٣١٢)، والحاكم في " المستدرك " (١/ ١٢ - ١٣)، وصححه، ووافقه الذهبي.